عبد الجليل سليمان

الشيوخ وغسيل العِدَّة

[JUSTIFY]
الشيوخ وغسيل العِدَّة

إلى وقت قريب، كنت اعتقد أن شيوخ الدين الأجلاء، خاصة السلفيين منهم، عدا دفع الله حسب الرسول، الذي يغسل العدة ويلُخ العجين – كما قال بعضمة لسانه في إفادات سابقة – لا يساعدون زوجاتهم في الأعمال المنزلية بل يأنفون ويتأففون من أفعال تصنفها جل مجتمعاتنا الإسلامية على أنها نسائية تحط من قدر الرجال، وتطيح بمكانتهم العالية والنبيلة التي يعتقدون أنهم يتمرغون في نعمائها وينظرون إلى رصيفاتهن النساء من آرائكها نظرة استعلائية.
ومرجع ظنيّ هذا، أن الخطاب السلفي إزاء المرأة، ظل يكتنفه ويحيط به الكثير، محاولات إنزالها إلى أسفل، والعودة بها القهقرى إلى قعر بيتها خادمة مطيعة لزوجها وأبنائهما، دونما منحها في المقابل حتى الحقوق التي حث عليها الإسلام، مثل مقابل مادي للخدمة المنزلية حال عدم وجود خادمة تشغلها، والمقابل المادي للرضاعة حال لم يؤت إليها بمرضعة.
لذلك كله فإنني لم استبق من الدهشة حاجباً إلاّ رفعته، ولم أوفر من (الخُلعة) مسماراً حتى انخلع قلبي، ليس عندما سمعت تصريح دفع الله المتصل بلخ العجين وغسيل العدة آنف الإشارة، فدفع الله بشخصيتها العُصابية الميّالة إلى (مسرحة الدين) ليس مستبعداً عليه أن يفعل ما فعل وأكثر، كأن يهدهد الأطفال و(يتاتي الصغار) وخلافها من المساعدات الجليلة التي لن تتوانى في الأتيان بها. وإنما مصدر دهشتي وانخلاعي هو تصريحه في حوا سابق أجراه معه الزميل أمير الشعراني لصالح (حكايات) أنه (لخ العجين وغسل العدة) أسوة بالشيخ عبد الحي يوسف، وهو أحد زعماء التيار السلفي المتشدد في بلاد السودان، فكيف لشيخ يحمل بين جوانحه ونفسه شدة وبأساً شديداً، أن يوائم بينهما، وبين رقة هسيس رغوة الغسيل وفقاعات الصابون تتفجر بخفة وتؤده ورشاقة وهمس بين يديه وعلى ساعديه، لكن سرعان ما زال استغرابي وأنا أقرأ قصيدة الشاعر محمد حسن السيد التي وصفها أمير الشعراني في حواره سالف الذكر، بأنها تساند دعوة الشيخ عبد الحي يوسف وتبرر دعوته الرجال دخول المطبخ وغسيل العدة، يقول الشاعر وليه ما أغسّل العِدَّة ؟/ وكيف ما أغسِّل العِدَّة ؟/ وجُوّاى تضحيات من أُم/ شقَت لمّا الزمن عَدّى/ وأخوات أبْدَعَن فى البيت/ تفانى وإلفة مُمتدة/ كُفُوف بى الموية والصابون/ تغسِّـل من زمن بدرى/ دا بس باللهِ كم ماعُون؟/ قبـُل ما أفهم المضمون). وهكذا أيها القراء الكرام ومحبو الشيخ وتلاميذه لا نملك إلا أن نقول لكم في هذه السانحة: أُدخلوا مطابخ ولخوا عجينكم واغسلوا عدتكم، يرحمكم الله وإيانا.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي