معرض خاص للكتاب… نافذة لتوسيع مدارك العقل
يظل العالمان العربي والأفريقي يُقران بريادة الخرطوم في القراءة والاطلاع، رغم أن هذا لن يظل شفيعاً لها أمام انتكاستها غير المبررة في مزاحمة العواصم العربية بسعة مواعينها لعرض الكتاب ولتسهيل مهمة القراءة كأسوأ الخيارات.
غربة الكتاب في الخرطوم ترجع لأسباب جوهرية، معلومة بوضوح، تتمثل إحدى جوانبها في غياب المكتبات، والتضييق غير المبرر على المطبوعات في صورتها العامة، هذه البيئة الرديئة في مدينة كانت رائدة للمعرفة، لم تسنِ قلة من الوراقين عن القتال بضراوة من أجل أن يصل الكتاب إلى يد المتلقي، ولو كلفهم هذا الأمر جلبه من خارج الحدود، وبيعه بهامش ربحي لا يتجاوز دفع قيمة تكاليف الترحيل والإعاشة والجمارك. ومن هؤلاء الجُند المجهولين السيد (خالد صلاح) الذي أخذ على عاتقه مهمة وزارة بكاملها، فدرج على إقامة معرض للكتاب أربع مرات خلال العام برعاية الاتحاد الوطني للشباب السوداني.
منقذ وصديق
فكرة ضمن حزمة أفكار كثيرة وضعها الدكتور شوقار بشار رئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني على طاولته منذ أول يوم لتسنمه منصبه، تمثلت في ابتداع فكرة معارض للكتاب تقام بين الفينة والأخرى لسد حاجة الشباب للقراءة بتوفير جديد وحديث الإصدارات والترجمات فور خروجها من المطابع في كل مكان؛ لأسباب منطقية، فوسع الدكتور شوقار قائمة خياراته من أجل شريك يُنفذ الفكرة كما خُطط لها فبرز اسم الناشر والخبير في مجال الكتاب والمعارض “خالد صلاح” من دولة مصر الشقيقة، فأُوكلت له مهمة قيام معرض كتاب دوري يلبي حاجة القُراء من كل فئات الشعب وحاجة الشباب على وجه الخصوص.
علاقة أزلية
لم يكن “خالد صلاح” حديث عهد بالخرطوم، إذ ابتدر زياراته العملية لها في مطلع العام 2009م، ومنذ ذلك التاريخ تأطرت علاقته بها، فظل يشارك باستمرار في معرض الخرطوم الدولي للكتاب، ومن ثم يُقيم ثلاثة معارض أخرى خلال العام برعاية الاتحاد الوطني للشباب السوداني، يهدف من خلالها – بحسب وصفه – إلى رفع مستوى الوعي والمعرفة لدى القارئ السوداني الذي وصفه بأنه متميز على غيره من بقية شعوب المنطقة، بالرغم من انخفاض نسبة الإقبال على الكتاب فظلت تراوح ــ بحسب نسبة غير رسمية ــ إلى ما بين (30%- 40%). وأرجع خالد صلاح هذا التدني لأسباب عديدة منها الظروف الحياتية وظروف أخرى لها علاقة بالميديا، ولكن على هذا الانخفاض الكبير، يظل القارئ السوداني هو الأول بين العرب والأفارقة دون منافسة على الأقل في الوقت الحالي، على حد وصف (خالد صلاح)، الذي يؤكد صحة حديثه بمقارنة إقبال السودانيين على معارضه التي يقيمها ونسبة إقبال الشعوب الأخرى عندما يقيم معرضاً في الأردن أو الكويت أو غيره من الدول العربية. يسعى (خالد صلاح) على تحقيق عدة أهداف ليس الربح من ضمنها، وهو أن يجعل الكتاب في متناول يد الجميع، وأن يسد النقص في المكتبات التي لا تضع حاجة القارئ خلف حاجتها لجمع أكبر قدر من الأرباح.
# استبيان القراء
دون غيره من الذين يجلبون المطبوعات للمعارض يتبع “خالد صلاح” نهجاً لا يخالفه البتة، وهو أنه يقوم بعمل استبيان يحدد فيه رغبة القراء أولاً وبناءً عليه يجلب المطبوعات التي يرغبون فيها مهما كانت، وبجانب هذا لا يجهل كذلك المطبوعات حديثة الصدور كروايات ومؤلفات أخرى، ولذا حفل المعرض المقام هذه الأيام بواحة الخرطوم بجميع أصناف الكتب من جميع الأسعار، حيث تتراوح الأسعار ما بين ثلاثة جنيهات وما فوقها. وعن أكثر المطبوعات مبيعاً، أوضح (خالد صلاح) أن الكتب الأكاديمية والإسلامية والتنمية البشرية وكتب الأطفال والأدب، هذه جميعاً تجد إقبالاً ممتازاً منذ افتتاح المعرض والذي افتتحه في الثاني من الشهر الجاري العميد عبدالرحمن المهدي مساعد رئيس الجمهورية والقنصل المصري وئام سويلم والدكتور بشار شوقار رئيس الاتحاد الوطني للشباب والدكتور الصادق فضل الله وزير الدولة بالعلوم والاتصالات والأستاذ سيد هارون وزير الدولة بالثقافة ويستمر حتى التاسع عشر منه.
كذلك توجد بالمعرض إصدارات حديثة في مجالات عدة خاصة كتابات الشباب حيث توجد أول رواية أصدرها الأديب الشاب مهند رجب الدابي وهي باسم “سحرة الضفاف” ورواية “لم يكن ذنبي” الكاتبة الشابة لينة سيف الدين وهما من الكتاب الشباب حيث سبق أن فازا بالجائزة الطيب صالح للعام 2015م في مجال القصة.
اليوم التالي