خالد حسن كسلا : أحلام «جبريل» و «مناوي» وواقع «الثورية»
> لو أراد جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة وابن عمومته أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان أن تلتزم شخصية مثل مالك عقار بالقيم الديمقراطية في مسألة دورية رئاسة الجبهة الثورية.. فهما إذن لا يعرفان عقار.
> وهما إذن لا يعرفان كيف اعتلى عقار سدة إدارة ولاية النيل الأزرق ليفاجئ سكانها بقصة رجل من «أمين مخزن هارب» إلى والي ولاية مشكوك في انتخابه.
> وعقار لو تمسك بالاستمرار في رئاسة الجبهة الثورية.. فهو ينظر الآن إلى هزيمة حركة خليل في قوز دنقو «هزيمة النهاية المحزنة».. «هزيمة الحسم». ويحسب من جديد مدى تأثيرها بعد الهزيمة في الحكومة السودانية.
> وينظر الآن أيضاً الى لجوء مناوي الى المناطق الليبية التي يسيطر عليها حفتر مما يعني أن حركة مناوي تريد أن تكسب وتأخذ دون عطاء.
> وعقار كأنما يريد أن يقول إن تكوين الجبهة الثورية تكوين قتالي وليس سياسياً.
> بمعنى أن كل الحركات المكونة لها ينبغي أن تكون بقوة الجيش الشعبي التابع لقطاع الشمال بالحركة الشعبية أو قريبة منها.
> ولا يمكن أن تخوض قوات الشمال لوحدها المعارك ضد القوات الحكومية.. وتستطيع لوحدها نسف الأمن والاستقرار.. وتقدر لوحدها تشريد المواطنين.. وتتمكن لوحدها من تعطيل الإنتاج الزراعي.. وفي نفس الوقت يترأسها قادة الحركات المهزومة والمحسومة.
> مناوي يمكن أن يكون مؤهلاً إذا عاد من ليبيا بدعم بحجم الدعم الذي قدمه القذافي لجون قرنق عام 1983م.
> وجون قرنق كان قد استثمر خصام القذافي والنميري.. ووظف كرت رفض القذافي لتطبيق الشريعة في السودن بعد أن طبقها نميري بشجاعة نمر مقدام في الغابات الإفريقية.
> لكن الآن مناوي سيجد نفسه قد أعطى حفتر أكثر مما سيأخذ منه. وكان أولى أن يعطي الجبهة الثورية ما اعطاه أو سيعطيه حفتر لأن «جوبا» و «كمبالا» و «تل ابيب» و «نيروبي» سيقدمون لها أكثر مما سيقدمه حفتر.
> وحسابات مالك عقار أن قرنق ذهب إلى القذافي وترك قواته في الحدود الإثيوبية بالقرب من قوات أنانيا «2».. لكن مناوي ذهب بقواته الى حفتر.. أي أنه أصبح «عضواً سياسياً» وليس «عسكرياً» في الجبهة الثورية.
> والجبهة الثورية هي حلف عسكري.. فحينما يخلو من قوات مقدرة تابعة لمناوي لانها في «العجرة الدعم»..
> ويخلو من قوات مؤثرة تابعة لخليل إبراهيم بعد الهزيمة النكراء.
> ويخلو من قوات كبيرة تابعة لعبد الواحد «الفقير عسكرياً» و «الغني إعلامياً».
> ولا يبقى فيها تأثير ميداني إلا تأثير الجيش الشعبي ممثلاً في الفرقتين التاسعة والعاشرة .. فهذا يعني أن هذه الأسماء الثلاثة قد انضمت للحركة الشعبية قطاع الشمال.
> هذا من الناحية العملية طبعاً.
> ويعني بعد ذلك أن جبريل إبراهيم بعد «الإفلاس العسكري» يريد أن يستخدم ذكاءه ليصبح على رأس القوى المتمردة الأكبر.. قوة قطاع الشمال.. أي أن يصبح «قرنق الغرب».
> هكذا دون أن يدفع الثمن.. وهكذا دون أن يتأثر بالهزيمة النكراء.
> ومناوي يغضب بصورة أشد وأفظع حينما يرى استمرار عقار في رئاسة الجبهة الثورية وتمسكه بها.. ويقول إنهم يرفضون استمراره وتمسكه.
> وعقار يشرح لهم بهذا الموقف من هو «عقار» حتى إذا ما عادوا إلى الخرطوم جميعهم يكون شرح من هو عقار معروفاً مسبقاً.
> «عقار» يا هؤلاء لا يهمه لو انسحب جبريل ومناوي من الجبهة الثورية «سياسياً» بعد أن سحبتهم منها ظروف الميدان عسكرياً. ومن دارفور يكفيه «عبد الواحد» بصمته النبيل وصبره الجميل.. وباله «الطويل».
> فلم يبق ما يجعل عبد الواحد يتحمّس للوقوف الى جانب «مناوي» بعد مؤتمر حسكنيتة في عام 2004م.
> وما يحمله عبد الواحد من انطباع تجاه مناوي يصلح أن يحمله تجاه «جبريل».. فكلاهما لا يريدان استمرار الرئاسة لقادة قطاع الشمال الآن في هذا الوقت على الاقل، وقت اجواء الحوار الوطني والملتقى التحضيري بأديس أبابا.
> وكلاهما لا يريدانها لعبد الواحد.. ويمكن أن ينكشف هذا الأمر إذا قال عقار الآن إنه سيتنازل لعبد الواحد. فهو يعتبره بعيداً جداً عن مصالحة الخرطوم إذا فضل الحوار الوطني.. لكن استنتاج قرابة جبريل ومعه مناوي من مرحلة ما بعد الحوار الوطني ممكن لعقار ورفاقه في قطاع الشمال.
> وقضية جبريل ومناوي المشتركة ليست إسقاط الحكومة طبعاً. فلا يمكن أن يفكر جبريل في ذلك بعد فشل قواته في أم درمان وهزيمتها في قوز دنقو.
> ولا يمكن أن يفكر مناوي بعد أن شارك فيها ودخل القصر وفهم واستوعب استحالة ذلك.
> وعقار ينتظر تعديل قانون الجبهة الثورية ومشاركة فصائلها السبعة في انتخاب الرئيس.. عقار هو قرنق الآخر.. وليس جبريل.
«غداً نلتقي بإذن الله».