منوعات

قصة الصورة التي كشفت بقاء سجينين غرقا منذ 50 عاماً على قيد الحياة

قصتهما مثيرة وأحداثها تحبس الأنفاس وقعت في السجن الأكثر شهرة عالمياً، الكاتراز، أو ما يسمى بسجن الصخرة، ذلك السجن الحديدي شاهق الارتفاع وشديد الصلابة الذي يقع في جزيرة منعزلة مقابلة لسواحل مدينة سان فرانسسكو.

وعلى الرغم من جمال تلك الجزيرة المطلة على البحر من كل جانب، إلا أن ما كان يحدث تحت أسوارها الباردة في الليالي المظلمة مخيف جداً وسط محاولات بائسة لبعض السجناء للهرب وكسر قضبان هذا السجن الصلد الذي ضم أعتى وأخطر المجرمين.

ومن بين محاولات الهروب، كانت قصة الأخوين أنجلين التي حيرت شرطة سان فرانسيسكو ومكتب التحقيقات الفيديرالي حتى وصلت قصة هروبهما إلى صالات السينما وأنتج عنها فيلم “الفرار من الكاتراز”. وعلى الرغم من اعتقاد رجال التحريات بأن هذين الهاربين ماتا غرقاً في سواحل جزيرة السجن، إلا أنهما مازالا مطلوبين من قبل مكتب التحقيقات الفيديالي.

وبحسب صحيفة “الديلي ميل”، فجرت صورة للأخوين الهاربين من السجن في عام 1962 حقيقة بقائهما على قيد الحياة والتي أثبتت إقامة جون وكلارنس أنجلين في مزرعة في البرازيل في عام 1975. وفي فيلم وثائقي بث على قناة “هيستوري”، عرض أبناء أحد إخوة الهاربين هذه الصورة، لتحل كالصدمة في أوساط المحققين ومكتب التحقيقات الفيديرالي.

الصورة الدليل

وقدم كيم ، 54 عاماً، ووديفيد ويدنر، 48 عاماً، صورة للمحققين تظهر رجلان يرتديان نظارات شمسية ويقفان على جانب الطريق فيما يعتقد خبير في الطب الشرعي أن هذه الصورة هي للهاربين.

وكانت الصورة الدليل الأكثر إثارة الذي تم عرضه في الفيلم والتي تدعم نظرية هرب السجينين من الكاتراز بعد قيامهم بحفر نفق في زنزانتهم باستخدام معالق الأكل مع سجين ثالث يدعى موريس يعتقد بأنه من دبر عملية الهروب.

ولدهائهم الشديد، قام المجرومون باستخدام طلاء لتلوين التجويفات بلون مطابق للون الجدار لإخفاء آثار الحفر وقام أحد المجرمين من خارج السجن بتهريبهم إلى مكان آخر حيث نالا حريتهم.

واستغرقت عمية التخطيط للهروب بضعة أشهر وقام الأخوان ومويس بصنع أقنعة مصنوعة من الورق المعجن لخداع الحراس وإيهامهم بنوم الهاربين في أسرتهم. وتسلق الهاربون الجدار من خلال فتحات التهوية واقتحموا سطح السجن.

وافترض رجال الأمن أن المجرمين اللذين يبلغان من العمر 84 و85 عاماً كانا قد غرقا في المياه الخطيرة التي تحيط بجزيرة سان فرانسيسكو التاريخية أوجزيرة السجن إن صح التعبير بعد خروجهما من زنزانتهما في منتصف الليل.

لكن الإثبات الجديد للأخوين ويندر، ابنا أحد إخوة الهاربين، حاز على اهتمام دائرة المارشال الأميركي، والتي مازالت تنظر في هذه القضية بعد 53 عاماً. وإن ثبت صحة الصورة، فإنها ستكشف عن محاولة الهرب الوحيدة الناجحة من أول وأشهر سجن بأميركا والذي شيّد لمنع المجرمين الذين يصعب السيطرة عليهم من الفرار.

بطاقات الكريسماس

وتشمل حزمة الأدلة المتوفرة لدى التحقيقيات بطاقات لعيد الميلاد “الكريسماس” التي أرسلها الأخوان لمنزل أسرتهما في فلوريدا على مدى ثلاث سنوات بعد هروبهما. وخلال فترة مكوثهما في السجن، كانت أسرة الأخوين تستلم بطاقة منهما في كل عام مكتوب عليهرقم السجن ومطبوعة بختم يؤكد إرسالها من سجن من الكاتراز. لكن العائلة أوضحت أنها استلمت بطاقات لمدة ثلاث سنوات بعد هرب الأخويين من غير أن تحمل رقم السجن والطوابع السجن الرسمية.

لقاء الصدفة

وقيل إن هذه الصورة تم التقاطها من قبل صديق لعائلة أنجلين يدعى فريد بريزي، والذي نشأ مع الأخوين الهاربين في ولاية فلوريدا قبل أن تصبح حياتهما ملفوفة بالجرائم ومحفوفة بالمخاطر.

وقال بريزي للأخوين ويندر أنه التقى صدفة بجون في ملهى ليلي في ريو دي جانيرو، ثم قام جون بدعوة بريزي للمزرعة التي يمتلكها وأخوه على حد قولهم. وبطلب من جون، التقط بريزي صوراً للمكان الجديد الذي يسكنونه.

ويعتقد الأخوان ويندر أن جون طلب من بريزي التقاط هذه الصور لإعطائها لعائلة أنجلين لطمأنتهم بأنهما بخير وبصحة جيدة. ويُعتقد أن بريزي الذي عمل في تهريب المخدرات من جنوب أميركا إلى وسط فلوريدا في عام 1970 قد أوصل الصور لعائلة أنجلين في عام 1992.

وفي بداية الأمر، شكت دائرة المارشال الأميركي في أدلة بريزي نظراً لسوابقه الجنائية، لكن الأخوان ويندر دعّما من صدق قصة بريزي العجيبة بعد أن سمحا للمحققين بالسماع لشريط فيديو شرح فيه بريزي كيفية هروب الأخوان.

تفاصيل الهروب

وذكر بريزي تفاصيل هروب الثلاثي من السجن بقوله إنهم ذهبا لبحيرة تقع بالقرب من مزرعة ثم ربطا حبلاً بدفة القيادة في سفينة ثم سبحا في المياة. وبحسب نظرية هروبها، فإن الأخوين قابلا شخصاً من خارج السجن كان يقود قارب آخر. وقالت الشرطة إنها وجدت مجلات في زنزالة الأخوين الهاربين دلتهم على كيفية الانزلاق في القوارب المغادرة. ونظراً لسوابقه وخلفيته الجنائية في تهريب وشحن المخدرات، يعتقد المحققون أن بريزي، هو من ساعد الأخوان في عبور خليج سان فرانسيسكو.

العم ألفريد

لكن، لماذا قدم الشقيقان ويندر كل هذه المعلومات للشرطة؟ جاء تعاون ويندر الكبير مع رجال التحريات وتسليم الأدلة التي يملكانها لدائرة المارشال الأميركي مقابل إخراج عمهما ألفريد الذي كان برفقة جون وكلارنس أثناء قيامهما بسرقة بنك.

لم يقضِ ألفريد سنوات حبسه في سجن الكاتراز وإنما أمضاها في في سجن كيلبي في ولاية ألاباما. وعند وصوله للسجن، كان ألفريد مؤهلا للحصول على حكم الإفراج بشروط معينة، وكان من المقرر أن يتم عقد جلسة محاكمة خلال الأيام القليلة الأولى من حبسه. لكن السلطات قالت إنه حاول الهرب من السجن ليتم قتله بالصدمة الكهربائية.

اختبار الحمض النووي

جرت مقارنة الحمض النووي لألفريد مع عينة أخذت من العظام المستخرجة من خليج سان فرانسيسكو بعد ستة أشهر فقط من محاولتها الهرب حيث ظن مكتب التحقيقات الفيديرالي لمدة طويلة أن العظام هي لأحد الشقيقين.

وأثبتت مقارنة بين عينة من الحمض النووي أخذت من عائلة الهارب موريس في عام 2010 والعظام التي عثر في الخليج أن العظام ليست له. ولسنوات، لم توافق عائلة أنجلين على إعطاء عينة من الحمض النووي لأنها لم تثق في مكتب التحقيقات الفيديرالي أو المارشال الأميركي.

وبعد الاختبار، أكدت نتائج اختبار الحمض النووي للعظام أنها ليست للشقيقين، مما أثبت تمكنهما من الهروب. وقال المحقق آرت رودريك إن نتائج الحمض النووي والصورة غيرتا مجرى التحقيق في هذه القضية. وذكر أنه ينظر بعمق لتفاصيل الأدلة المتوفرة لإغلاق ملف هذه القضية التي أخذت معظم حياته.

وقال كين ويندر لقناة هيستري إن سبب متابعتهم لهذه القضية وحرصهم على معرفة مصير أعمامهم لا يتعلق فقط بالبرنامج التلفزيوني بل للقاء بهم مجدداً ودفنهم مع أسرتهم بعد موتهم.

البيان