ما وراء الأقنعة!
هناك دائما وجه آخر يختفي وراء الأقنعة الظاهرية التي نتعامل مع أصحابها في حياتنا اليومية.. أقول الأقنعة ولا أقول الوجوه.. فإخفاء الحقيقة مثلا هو الوجه الآخر للكذب.. والنفاق هو الوجه الآخر للاستغلال.. والاغتياب والنميمة والبهتان وجوه متعددة للحسد.. والخيانة هي الوجه الكريه للمشاعر الزائفة.. و.. و.. غيرها من الوجوه التي ستجد لها وجوها أخرى حالما تمعنت في تفاصيل حكاياتك معها وكيف بدأت وإلى أين وصلت!.
لم تعد تدهشني فجيعتي في الآخرين من فرط اعتيادي عليها.. فالحسد هو الوجه الآخر للنجاح.. كلما كنت ناجحا أمعن الآخرون في الحقد عليك والتآمر ضدك والخوض في سيرتك ومحاولات النيل منك لأسباب تعنيهم ليس من بينها أبدا تقديرهم لإنسانيتك وأبعاد صدقك وإخلاصك معهم أو احترامك لهم ولنفسك!
أما الوجه الآخر للإحسان والبر علي أيامنا هذه فهو الجحود..!! فغالبا ما يتلقاك كل من تمد له يدك البيضاء من غير سوء، بيد تحمل خنجرا مسموما يترصدك!
لا ينكر فضلك إلا من أكرمته وتفضلت عليه.. ولا ينسى جمائلك إلا من كنت سببا في إعانتهم ومساعدتهم!
هكذا هم الناس.. يتنكرون لماضيهم وينكرون الامتنان.. يفرون منك حالما تبدلت أحوالهم وانتعشت وكأنما يريدون أن يلقوا كل ما ومن يذكرهم بأيام الشدة وراء ظهورهم.. لهذا تجد أن معظم الذين يبدل الله أحوالهم إلى الأفضل يفقدون ذاكرتهم أو هكذا يدعون.. يستميتون في التغاضي عن الماضي بكل شخوصه وتفاصيله وذكرياته.. ويتلقونه إذا ما اعترض طريقهم يوما بالبرود والكراهية ويحرصون على ألا تمتد الأواصر بينهم وبينه من جديد على الإطلاق!!
أقبح الوجوه التي قد تعبر حياتك وجه صديق ظننته يوما سندك وملاذك ورفيق أفراحك وأتراحك فتنكر لك يوما واستخدم كل ما يعرفه عنك في حربه غير المبررة ضدك.. لتكتشف أنه كان يخفي وراء ذلك الوجه الحنون البشوش وجها آخر من النذالة والحقارة والخبث والحقد الدفين!
أعترف أنني عجزت عن عقد صداقات جديدة.. وفشلت في المحافظة على أي علاقة تربطني بإحداهن في السنوات الأخيرة لأني غالبا ما كنت أشعر بعبء النفاق والزيف على كاهلي من فرط ما علمتني التجارب ألا أكون على سجيتي أبدا مع إحداهن.. وأن أحتاط دائما لغدرها وتقاعسها عن مؤازرتك والتفاني لأجلك حالما استدعت الضرورة.. إن الغدر هو الوجه الآخر لمعظم النساء وإن أنكرنه!!!
لبعض الرجال وجه آخر يتمثل في البرود العاطفي.. فهم لم ينجحوا أبدا في تحقيق معادلة الحنان والتجرد التي تشغل حساباتنا كسيدات.. فهم لا يستطيعون أبدا أن يتخلصوا من فطرة الأنانية بأعماقهم.. وغالبا ما يعتقدون أن تأجج العاطفة وإبرازها كسلوك يومي فيه انتقاص من قدر رجولتهم العظيمة!!
كل الأشياء في حياتنا لها وجه آخر.. نكتشفه غالبا بالتجربة.. فالتجربة هي الوجه الآخر للاقتناع والوصول لنتائج حاسمة ونهائية.. ولن تفلح كل محاولات تعليمنا دون أن نخوض التجارب الفعلية ونصطلي بنارها أو نتذوق حلاوتها.
تلويح:
الكثير من الألم في حياتنا لا يحدث بفعل الأكاذيب.. ولكن بسبب الحقائق!!