بمناسبة مرور (60) عاماً على رحيله “حميدة أبو عشر” .. رمز الضياء
الشاعر “حميدة أبو عشر”، ربما لا يعرف سيرته الكثيرون، رغم ترديدهم لأغانيه (غضبك جميل زي بسمتك- الحجل بالرجل- ظلموني الأحبة)… ولد الشاعر “حميدة أحمد عثمان” الشهير (بحميدة أبو عشر) في عام 1931م بمدينة (أبو عشر) التي أنجبت العديد من القامات. ففي مجال العلم خرجت مراجع للفتوى الشيخ “عبد النور” والقاضي “عثمان حاج أحمد”، وفي مجال كرة القدم برز اللاعب “عثمان زكي” و”أبو الجاز” و”صبحي” و”خليفة”، كما أنها خرجت العديد من الشعراء مثل “النعيم محمد نور”.
وترعرع “حميدة” هناك حيث درس الأولية بها، ثم عمل نجاراً في مدرسة حنتوب الثانوية في الفترة من 1943 م وحتى 1947م.
وعند افتتاح مدرسة الحصاحيصا الثانوية القديمة عام 1943، ولما كانت هناك حاجة ماسة إلى حرفيين لتجهيز الكراسي والأدراج للتلاميذ الجدد تم نقل “حميدة” إلى مدرسة الحصاحيصا الثانوية، فتدفق شعراً مودعاً حبيبته حنتوب بقصيدته التي أبدع في غنائها الفنان الكبير “إبراهيم الكاشف”.
وداعاً روضتي الغنا
وداعاً معبدي القدسي
طويت الماضي في قلبي
وعشت على صدى الذكرى
وهذا الدمع قد ينبي بظلام المهجة الحيرى
لماذا الهجر يا حبي
ويروي عنه ابن أخيه “الشبلي محمد علي” والذي كان مقرباً منه، أن عمه حكى له أنه ذات يوم كان جالساً في مقهى “جورج مشرقي” بالخرطوم، وأتت فتاة قبطية فاعتقدت أنه ينظر إليها فغضبت منه (مالك بتعاين لي) فكتب قصيدته التي تقول:
على كل حال شكلك بديع
غضبك جميل زي بسمتك
حكم الغرام بتذللي
وحكم الغرام بتدللك
الابتسام والانسجام والحسن لك
والاشتياق والاحتراق والوجد لي
عجباً تكون قاسي ووديع
شكلك بديع
غضبك جميل زي بسمتك
يواصل ابن أخيه “محمد علي” فيقول عن الشاعر “حميدة”، إن المستعمر لما ضاق من نشاطه السياسي اعتقل ضمن عدد من قيادات النقابات وقرر المستعمر نقله من سجن كوبر إلى سجن الأبيض، وقد كان الشاويش “أحمد جبران” ملازماً له في القطر وهو (مكلبش)، وفي طريقهم إلى الأبيض طلب من الشاويش “أحمد جبران” ورقة وقلماً وكتب فيها قصيدته المشهورة (الحجل بالرجل)… التي غناها الفنان الراحل “حسن عطية” وهو يصور حاله في القطار وملازمة الشاويش له … ويقول فيها:
الحجل بالرجل
يا حبيبي سوقني معاك
الليلة العزول
جاب لي خبر بالسو
نسام البحر
قلب الخبر بلو
قال لي دام هواك
يا حبيبي مهما تسو
الحجل بالرجل يا
حبيبي سوقني معاك
يا مسافر براك
شاقي المفازة بليل
يوم قلباً طراك
هداك المحبة دليل
بحق المودة
حق الهوى والليل
الحجل بالرجل
يا حبيبي سوقني معاك
وكانت النقابات تأمر قواعدها للقاء “حميدة” في طريق القطار لتهتف باسمه وكانت تستقبله بالهدايا وعندما رأى الشاويش هذه الاستقبالات سأله عن اسمه، حيث كان اسمه المسجل عنده هو “محمد” فأخبره بأنه من ضمن من نفذوا إضراب 1952 فقام الشاويش وفك الجنزير واحترمه وأصبحت له علاقة طيبة مع الشاويش.
وعندما وصل الأبيض طلب من الشاويش أن يأخذ الهدايا ويحضر له كل يوم شاي وقهوة وامتدت هذه العلاقة، وبعد أن تم إطلاق سراحه من السجن الذي كان مأموره “بحيري” والد الوزير بحكومة “نميري” “مامون”، تزوج الشاعر “حميدة” من ابنة أخ “أحمد” الشاويش “سعدية محمد جبران”، فأنجب منها (الأمين – ابتسام – هدى) واستقر هناك حتى وفاته عام 1955م.
المجهر السياسي