حوارات ولقاءات

إبراهيم الشيخ :حرمان قادة المعارضة من السفر “طعنة” في خاصرة الحوار الوطني

المطلوب من المؤتمر الوطني أن يتخلص من الحالة الفوقية التي تسيطر عليه
حرمان قادة المعارضة من السفر “طعنة” في خاصرة الحوار الوطني
كنا نعتقد أن الحكومة ذكية جدًا ولن تمنع سفرنا إلى باريس ولم نكن نقصد إحراجها
نهدف إلى إعلاء شأن الإنسان في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لأنه ظُلم كثيراً
مجلس حقوق الإنسان تغاضى عن انتهاكات الحكومة خوفاً من الفوضى
عرض وتحرير: عطاف عبد الوهاب– تصوير: محمد نور محكر
في البرنامج الصحفي الحصري (لقاء المكاشفة) الذي احتضته مباني صحيفة (الصيحة) تحدث إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني كما لم يتحدث من قبل، وأجاب عن كل الأسئلة التى وجهها له صحفيو (الصيحة)، وشارك الزميل محمد الشناوي في التحرير… تحدث عن الأمن والسلام والاستقرار الذي ينبغي ان تعيشه البلاد، وأسهب بوضوح عن علاقة المؤتمر السوداني مع الجبهة الثورية وبرنامج تحالفه مع الأحزاب في قوى الاجماع الوطني ونداء السودان، متناولاً قضية شهداء سبتمبر، وعلاقة المعارضة بها، الشيخ كشف عن أسباب سفره إلى القاهرة وباريس ، وأظهر استغرابًا شديداً من منع الحكومة لسفره، ومن جهة أخرى لم يتوان زعيم المؤتمر السوداني عن شرح علاقته مع الحكومة السودانية في مجال استثماراته والتي يرى البعض أنها مشوبة بالريبة والشك ، كما كشف عن أدق الأسرار في حياته الاقتصادية، هذه المكاشفة اتسمت بالموضوعية والشفافية نطلقها في صفحات (الصيحة) لقرائها الكرام.
“”””””””””””””””””””
ــ بداية هل فوجئت بحظرك من السفر عندما تم أخذ جوازك؟
الحقيقة أنني عندما عدت مساء إلى منزلي، بعد منعي من السفر في مطار الخرطوم، كنت في حيرة شديدة من أمر هذا النظام، من الذي يحدد أن سفر ابراهيم الشيخ خطر على امن البلاد وبالتالي يجب أن يمنع من السفر اليوم ويسمح له غدًا أو العكس، ألا يفكر هؤلاء أن منع المعارضة من السفر يشكل طعنة في خاصرة الحوار الوطني، في تقديري أن هناك قرارات تصدرها الحكومة غير متسقة مع بعضها البعض، بل ومتنافرة تماماً، لو كان هناك فكر رشيد وحكمة وحصافة لدى بعض الجهات التي تدير هذه البلاد لما منعوا أحدًا من السفر.
ــ هناك من يقول إن القصد أصلاً كان إحراج الحكومة وإنكم تعلمون أنكم ستمنعون من السفر؟
لو قدر لي ان أعرض لكم جواز السفر لو أعادوه لي ستجدونني امتلك تأشيرات السفر منذ وقت مبكر جداً، حقيقة أنا كنت في طريقي إلى باريس عبر القاهرة، لأنني كنت أريد أن التقي بالسيد الإمام الصادق المهدي، لنجري مشاورات بصفتنا أعضاء في نداء السودان في مسائل عالقة بنداء السودان كالتوسعة والهيكلة والميثاق والموقف الموحد بما طرأ من مواقف، ثم كيف يتوحد الناس حول أي موقف يستجد في الساحة. هذه أسباب ذهابنا إلى القاهرة. أما باريس فهناك ترتيب لنداء السودان في الفترة ما بين 17 وحتى 24 من هذا الشهر، هذه أسباب ذهابنا الى القاهرة وبالتالي نحن كنا ذاهبين القاهرة لنتلاقى ونتشاور ثم لباريس لأن هناك ترتيبا لنداء السودان في الفترة من 17 وحتى 24 وبالتالي ليس لدينا قصد في إحراج الحكومة، بالعكس تماماً، لقد كنا نعتقد أن الحكومة ذكية، بمعنى أننا تخيرنا الوقت ذاته ظناً منا أن الحكومة لا يمكن أن تمنعنا من السفر خاصة وأن السبت القادم مواعيد انطلاق الحوار الذي تدعو إليه كما أن الرئيس أعلن وقف اطلاق النار لشهرين وفك المعتقلين، وقال إنه سيصدر قرارات مهمة جدًا في الأيام القادمة.
ــ قلت إنكم ذاهبون للقاءات تخص قوى نداء السودان، ألا ترى أنه من الغريب ان تتحالفوا مع من يحمل السلاح وأنتم قوى مدنية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نجيب أولاً عن لماذا حمل هؤلاء السلاح، وفي هذا أستطيع القول إنه كان رد فعل طبيعياً لانسداد الأفق امام أي معارضة مدنية بالنسبة لهم إضافة إلى التضييق على حرية العمل السياسي وزج الناس في السجون والمعتقلات والقمع والاستبداد، ثم انتشار ثقافة (الزارعنا غير الله اليجي يقلعنا)، كل هذا كوم، والكوم الأخر التهميش الذي تعرضت له مناطقهم ومدنهم وقراهم مقارنة بالمركز ” الخرطوم”، هذه هي الأسباب الرئيسية التي جعلتهم يحملون السلاح، وعليه فنحن نعتقد أن الذين يحملون البندقية لديهم قضية، نحن في المؤتمر السوداني كحزب وقوى الاجماع كتحالف رأينا أنه لابد من مد جسور الصلات والعلاقات والمواثيق من وقت مبكر، نسعى معها لنتواصى على كيفية حكم السودان وكيفية تحقيق التنمية في هذه المناطق خاصة والسودان عامة، نحن نريد أن نصنع توازناً إيجابياً ينهض بالسودان من أقصاه الى أقصاه متمتعاً بالخدمات والرفاهية الاقتصادية والعيش الكريم للمواطن، نحن نهدف إلى إعلاء شأن الإنسان السوداني الذي نعتقد أنه ظلم سواء في دارفور أو النيل الأزرق او جنوب كردفان، هذا هو هدفنا وهذا هو ما نسعى إلى تحقيقة من غير مزايدات ولا ادعاءات، هذا هو السبب الذي جعلنا نحرص على أن تكون لنا صلات وتحالفات مع الحركات المسلحة.
ــ كيف يتحالف المؤتمر السوداني مع أحزاب أممية لها اصل ديكتاتوري مثل (البعث)؟
أي تحالف كما هو معلوم بالضرورة ينهض على برنامج الحد الأدنى، بمعنى انه لا يوجد تحالف قائم على أسس فكرية، في التحالف نحن لا نسأل عن ما هو الخط السياسي لحزب البعث أو المؤتمر السوداني أو الحزب الشيوعي, هناك نظام يهيمن على كل السلطة والثروة في البلاد, ويمارس تجاه الاحزاب ممارسات قمعية ويحجر على الحريات ويمنع الناس من أبسط الحقوق التي وردت في الدستور من حرية التنقل والسفر، حتى الصحافة اصابها ما أصابها، هناك ذهنية عجيبة تدير هذه البلاد، لذلك كان التحالف مع أحزاب تواصت على حد في كيفية التخلص من هذا ثم السعي لفتح الطريق أمام التحول الديمقراطي وتحقيق السلام ومقاومة ومحاربة الفساد، وبالتالي فإن التحالف ينهض على برنامج حد أدنى ولا ينهض على أسس فكرية، نحن نتفق على برنامج قابل للتطبيق ونريد تنزيله على أرض الواقع ونريد احد الأمرين، إما دفع النظام لحوار شامل من شأنه أن يضع الأمور في نصابها الصحيح، وليس حواراً جزئياً، ككل حوارات المؤتمر الوطني السابقة والفاشلة، وإن لم ينجح النظام في إجراء حوار شامل، لم يتبق إلا إسقاطه، وعليه نحن لا نستنكر التحالف مع الشيوعي والبعثي فأنا مؤتمر سوداني ولو كنت أريد أن أصبح بعثياً أو شيوعياً، هذا خياري ولا أحد سواي، نحن نحترم خيارات الآخرين، نحن أولاً وأخيراً سودانيون ويهمنا أمر السودان بغض النظر عن ألواننا وأحزابنا وعقائدنا أو أي شيء آخر، كلنا نحب هذه الأرض وهذا الوطن، وعليه فإن كل من جاء يريد لهذه البلاد خيراً فنحن لا نجد حرجاً ابدًا في أن نتواصى معه ونبرم معه العهود والمواثيق المحددة.
ــ هل سفركم إلى باريس له علاقة بخلافات الجبهة الثورية؟
حقيقة.. احد الأهداف من سفرنا إلى باريس كان معنياً بهذه الإشكالات داخل الجبهة الثورية ونحن نهدف إلى محاولة “فكفكة ” بعض الأمور ثم وضعها في مساراتها الصحيحة، وفقًا للقانون للأعراف الحاكمة والمواثيق التي تحكم هؤلاء الناس وهذه ليست مهمة عسيرة، وفي اعتقادي أنه من الممكن أن نصل فيها إلى معالجات ناجعة.
ــ هل برنامج سفركم إلى باريس قاصر على مصالحة قيادات الجبهة الثورية؟
كنا نخطط لأن ننتقل لموضوعنا الأكبر وهو نداء السودان بأضلاعه الأربعة، كل الجبهة الثورية ستكون حاضرة لاجتماع نداء السودان في باريس ما عدا عبد الواحد محمد نور وكلها ستكون مشاركة في المؤتمر التحضيري المزمع عقده في مقر الاتحاد الافريقي بناء على القرار 539 الصادر من مجلس الأمن الأفريقي في جلسته، افتكر أن كل الأطراف ستكون حاضرة في المؤتمر التحضيري عدا عبد الواحد، خارطة الطريق في باريس كانت واضحة جدًا ومتسقة مع القرار 539 وقد طالبنا بضرورة تهيئة المناخ، كل المطلوب الآن من المؤتمر الوطني أن يتخلص من الحالة الفوقية التي تعتريه وتسيطر عليه، ولو كان يريد أن يكون الحوار بالداخل عليه أن يذهب إلى أديس أبابا حتى يتوافق الناس على خارطة طريق جديدة،
ــ وما هي ملامح خارطة الطريق الجديدة؟
نحدد فيها من يدير الحوار ثم زمن الحوار وطبيعة الحكومة الانتقالية القومية المنوط بها أمر إدارة مقررات ومخرجات الحوار، بعد ذلك نحدد السقف الزمني للفترة الانتقالية وأخيراً مهمة إعادة بناء السودان على أسس جديدة وفقاً للأجندات التي سيتم التوافق عليها عبر المحاور المحددة التي نشخص فيها أزمات البلاد.
ــ المعارضة لم تهتم كثيرًا بجرحى سبتمبر وشهدائها وهي تتاجر بقضاياهم ولم تعمل على انتزاع حقوقهم؟
في الوقت الذي ارتفعت فيه المعارضة كلها لمستوى شهداء سبتمبر، سجلت أيضاً غياب عن الكثير من الأسر، نعم هذا صحيح، ولكنني أستطيع القول إنه بعد الإصابات التي طالت عددًا من الناس إضافة الى الشهداء وعددهم 210 شهداء، أقول إن المهمة الأولى لنا كانت حصر ومعرفة الأسر التى لها جرحى وشهداء، وشكلت لجنة اسمها (لجنة التضامن مع أسر شهداء وجرحى سبتمبر)، على رأسها دكتور جلال يوسف وصديق يوسف، بعد ذلك توافد الناس للمشاركة في اللجنة حتى من أقاليم السودان المختلفة، والحقيقة الشعب السوداني لديه احساس بالمسؤولية وهو شعب واع ومدرك، قامت اللجنة بعلاج بعض الجرحى الذين أجريت لهم عمليات في عدة مستشفيات، وهناك من تم تسفيرهم إلى الأردن، وقامت اللجنة بجمع تبرعات من جهات عديدة وتم حصر أسر كثيرة جدًا ودعمهم، هناك أطباء داخل وخارج السودان قدموا تبرعاتهم وقالوا إنهم على استعداد لإجراء العمليات الجراحية لبعض الناس المصابين في النخاع الشوكي والمناطق الحساسة، نحن في المعارضة لدينا تقدير كبير لأسر الجرحى والشهداء، واليوم وغدًا سنظل متواصلين مع أسر الشهداء.
ــ الحكومة استنكرت الخطوة التي استصحب فيها صديق يوسف (الدبلوماسيين) الأجانب إلى أسر الشهداء، ما هو تقييمكم لهذه الخطوة؟
هي خطوة القصد منها تسليط الضوء على حقوق هذه الأسر وحقوق أبنائها وما ضاع حق وراؤه مطالب، ونحن كمعارضة مدنية موجودة بالداخل نؤكد على التزامنا الكامل تجاه الشهداء وسندعم الأسر ولن نصمت أبدًا في المطالبة بحقوقهم ولو كان هناك أناس لم نصل إليهم لأي سبب من الأسباب بإمكانكم أن تمدونا بالأسماء ونحن على عهد وعلى وعد أن نصل كل الناس ونملك الأسماء للجنة التضامن والعون وأن موقف والناس مستعدون له، خاصة وأن التحقيق لم يكتمل إلى الآن والقرارات الأخيرة التي صدرت من جنيف للمرة الثانية أو للعام التاني على التوالي طالبت الناس باستجلاء الموقف وخروج هذا التقرير الى العلن بشكل واضح ومحاكمة الجناة، وهذا في تقديري هو ذات مطلب لجنة التضامن ونداء السودان ومطلب قوى الاجماع الوطني.
ــ ما هو تقييمك لإبقاء السودان تحت البند العاشر في جنيف بدورته الثلاثين؟
نحن في المؤتمر السوداني اصدرنا بيانًا وقلنا فيه بوضوح إن المجتمع الدولي من خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان الذي في دورته الثلاثين لم يستطع أن يرتقي لحجم الانتهاكات التي صدرت من قبل النظام لا نريد أن نقول بأن المجتمع الدولي متواطئ مع النظام، لكننا نعتقد بأن لديه تقديرات وحسابات تتلخص في أن المجموعات الإسلامية القابضة على السلطة وفي يدها من القدرات والإمكانيات وجميع الأجهزة المختلفة التي ساعدتها على الفساد، هذا كله يجعل إقصاءها بشكل كامل مثير للفوضى في البلاد لذلك هم رأوا أن يتعاملوا مع النظام بهذه الطريقة الناعمة بمنحه مزيداً من الفرص على أمل أنه سينقل النظام السلطة سلمياً، حتى لا تنتشر الفوضى وتحدث اضطرابات، وظنهم بأنه من الممكن ان تحدث اضطرابات وفوضى وهذا عدم ثقة من المجتمع الدولي في الشارع السياسي وفي أهل السودان، عندما جلسنا إلى المبعوث الأمريكي ومع الأنجليزي ومع الكنديين ومع الاتحاد الأوربي قلناها لهم بكل وضوح وشفافية بأن الإسراف في التقدير يضر بالبلاد ويمنح المؤتمر الوطني المزيد من الفرص لممارسة المزيد من الانتهاكات، وهنا يكمن الخطر أن تحسن الظن بهذا النظام، وكأنك لا تعرف طبيعته، لا يعنيه حجم الذين سقطوا من شهداء وجرحى وليس لديه لا كابح ولا سقوفات لحجم التعديات، وبالتالي نحن نعتقد أنه لا يمكن أن نحسن الظن به نحن متواصلون مع المجتمع الدولي ولم تنقطع شعرة معاوية بيننا وبينهم، المجتمع الدولي في النهاية سيكتشف أن هذا النظام لا يمكن أن يبدل جلده بين عشية وضحاها، النظام محتاج لأن يجلس مع الناس على الأرض ثم يقول نحن نريد حلاً لقضايانا ونحل مشاكل الناس.

الصيحة