عبد الباقي الظافر

الحوار مع الأصدقاء!!

تقول الطرفة إن سودانياً ذهب لأداء صلاة الفجر في ليلة شتوية في مسجد يقع في بادية خليجي.. وقبل إكمال الصلاة جاء مواطن من أهل البلد ليلحق بالمصلين.. بما أنه من المستحب ألا يكون المصلي وحده في الصف التالي جذب الأعرابي «أخونا» السوداني ليرافقه في الصف.. ما أن أخلى «الزول» موقعه الأمامي إذا بالرجل المسبوق يقف مكانه ويتركه وحيداً حائراً.
تذكرت تلك الطرفة وحكومتنا تمنع سفر كل من إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني ورفيقه صديق يوسف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.. الشيخان كان في نيتهما مقابلة الإمام الصادق المهدي في قاهرة المعز لمنعه من حضور الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني.. قبل أن تمضي على الحادثة الغريبة «24» ساعة كانت ذات الحكومة تبعث موفدين للقاهرة هما المساعد الأكبر إبراهيم محمود وأخيه الأصغر عبدالرحمن الصادق المهدي.. مهمة الرجلين تنحصر في إقناع الإمام المهدي بضرورة العودة للخرطوم والمشاركة في فعاليات الحوار الوطني.
ما زلت مستغرباً من هذا التصرف الحكومي.. هل تظن الحكومة أن الإمام الصادق المهدي بلغ من الخرف السياسي بحيث يتأثر بوجهة النظر الحاضرة.. هل منع المعارضة الداخلية من مقابلة المهدي يزيد من فرص حضوره للخرطوم.. وهنا يجب أن ننوه إلى أن الأستاذ فاروق أبوعيسى المعارض المتطرف والذي وصف ذات يوم أعضاء المؤتمر الوطني بـ«الملاعين» موجود بمصر.. فاروق هذا يجالس الإمام في القاهرة هذه الأيام.. وننوه أيضا أن إبراهيم الشيخ لا يعارض الحوار بشكل مبديء.. بل إنه انخرط في الأيام الماضية في تفاهمات مع فصائل من الإسلاميين ويعارض بشدة إقصاء المؤتمر الوطني من أي تسوية سياسية قادمة.
من جهة أخرى التقى النائب الأول لرئيس الجمهورية برجل الأعمال صديق ودعة أمس في القصر الرئاسي.. ودعة يرأس لجنة الاتصال بالحركات المسلحة.. ودعة صرّح حسب الزميلة المجهر أن لجنته تبذل أقصى مساعيها وزارت عدداً من محليات دارفور ولا ينقصها سوى المال.. هنا تكمن المفارقة، أن الرجل الثري يبحث عن نثرية حركة من جيب الحكومة .. وأن ذات الرجل الثري يقود مفاوضات صعبة مع منسوبي صحيفته الذين لم يتقاضوا بعضاً من مستحقاتهم المالية لعدة أشهر.. من الأفضل أن يتفرغ ودعة لتسوية خلافات جريدة الأخبار.. كيف لرجل فشل في الاتفاق مع عشرين صحفياً أن يجلب السلام للوطن.
من جهة بعيدة تسلم الدكتور أزرق زكريا خريف القيادي بالحزب القومي السوداني دعوة لحضور جلسات الحوار الوطني.. الدعوة الخفيفة حملها موفدان هما فيصل حسن إبراهيم وزير الحكم المحلي وأخوه الطيب حسن بدوي وزير الثقافة.. وإننا نسأل إن كنتم سمعتم من قبل بمعارض يحمل هذا الاسم .. في إحدى الإذاعات استمعت للأمين العام للحوار الوطني صباح أمس يتحدث عن مشاركة «104» حزب في جلسات الحوار المقرر لها العاشر من أكتوبر المقبل.
لا اعتقد أن الحكومة ستحصد ثماراً في مفاوضات الساعة «25» لإقناع أرقام وطنية بالحضور للخرطوم.. رغماً عن هذا ستمتلئ القاعة المخصصة للحدث بأفواج من الناس.. أحزاب لم يسمع بها أحد اُدخرت لمثل هذا اليوم ستكون حضوراً.. شخصيات قومية لم تتعود أن تقول لا للسلطان ستكون في الصفوف الأمامية.
بصراحة.. مثل هذا الحوار مضيعة للوقت وتبديد للمال.. هذا ليس حوار بين خصوم.. هذه مؤانسة أصدقاء يدفع ثمنها دافع الضرائب.