علا الفارس : عواشركم مبروكة
“يا ليلة العيد أنستينا.. وجددتي الأمل فينا، يا ليلة العيد الحقينا!”.
مع قدوم العيد تعود الظواهر الاجتماعية التي باتت مألوفة ومكررة في ليلته، منها ازدحام الأسواق والشوارع والمحال بالناس، كل واحد منهم يمني النفس أن ينتهي من تجهيز احتياجاته الشخصية كافة قبل أن يصل الازدحام ذروته، لينتقل إلى صالونات الحلاقة والتجميل، وكأنّ بعضنا لا يتزين إلا ليلة العيد..
مظاهر معتادة ربما هي من تعطي ليلة العيد نكهة خاصة، فلن أتوسع في انتقاد أسرتي وبيئتي ومجتمعي، من عشت كل هذه السنين معهم، وكانوا يشتكون من ازدحام تلك الليلة، علما بأنهم من خرج بشعار “يا بتلحق يا ما بتلحق”، وتركوا كل ما يحتاجون لآخر لحظة..
ما أودّ طرحه الليلة “ليلة العيد” يتعلق بظاهرة منبوذة، ومحط جدل في اعتقادي، ألا وهي ظاهرة التهنئة الإلكترونية التي يبدو أنها أصبحت راسخة كظاهرة من مظاهر العيد.. فما إن تحل الليلة السعيدة حتى تنهال الرسائل من المهنئين الإلكترونيين، كل واحد من هؤلاء يحاول التميز برسائله النصية يرسلها لأعز أحبابه، لكن التهنئة بالعيد عن طريق الوسائل التكنولوجية الحديثة لم تعد تؤثر في معظم الناس، لكونها تفتقر للألفة والحميمية، فهل تتقبل أن يهنئك طفلك برسالة؟ دون أن يقبل يدك؟ وتقبل رأسه منحنيا بعنفوان الأب وحنانه.. مهديه العيدية؟
هل سأتقبل يوما أن يهنئني أخي برسالة نصية؟! وماذا عن أمي التي تيقن مدى حبي لها، وهو ما أجدده كل صباح، لكنها تنتظر بكل شوق أن أقبل يدها وأهنئها بالعيد، وكأنني لم أكن معها بالأمس،
حالها حال أمهاتكم..
ربما نحتاج أن نتأمل الموقف لدقائق، فإلى أين نحن غادون؟! وهل تلك الرسائل المعلبة الجاهزة كافية أو تزيل العتب عنا كما يعتقد البعض؟! بالتأكيد لا، وهذا ما أكرره لأصدقائي وزملائي عندما أرجوهم ألا يشملوني بقائمة “الإرسال للجميع” في هواتفهم المحمولة.. الأصدقاء الحقيقيون والزملاء المقربون يستحقون في ليلة العيد مكالمة لدقيقة على أقل تقدير، إذا كان اللقاء محالا.. فما لا نرضاه على أنفسنا لابد ألا نرضاه على غيرنا..
أنا على يقين تام أن اقتلاع الظاهرة من جذورها أصبح شبه مستحيل مع عصر السرعة والتكنولوجيا، لكن استشعار الشيء بحد ذاته متعة، كثرٌ يناقضون أنفسهم، أسمعهم يرددون “ما عاد العيد كما كان في السابق”، إن كنت تفتقد شعورك بفرحة العيد فعليك أن تعي أن اعتيادك على بعض التصرفات منها التهنئة الإلكترونية، إن صح تعبيري، هو أول ما يقتل فيك أشياء جميلة ارتبطت بالعيد وفرحته..
كل عام وأنتم بخير.. عواشركم مبروكة!