داليا الياس

حرائر…ضرائر

# وتعرف «المضاررة» في عرفنا الاجتماعي، بأنها ذلك الصراع الخفي أو المعلن بين امرأتين حول رجل هو في الغالب «زوجهما»، ولكن الحقائق تؤكد أن مفهوم «المضاررة» يأخذ أبعاداً أكثر تنوعاً واختلافاً، وقد تنشأ بين امرأتين حول رجل يكون – أحياناً – زوج إحداهن و«عشيق» الأخرى، وهذا أمر لم يعد بإمكاننا مواراته لأنه بات متوفراً في مجتمعنا، مهما حاولنا أن نغمض أعيننا عنه وندعي العذرية الاجتماعية.
وأحياناً تكون «المضاررة» بين الزوجة وأم زوجها، على اعتبار أن الثانية لم تتمكن أبداً من استيعاب أن (مفعوصة) ما، قد أتت بغتة وأخذت ابنها الحبيب بعيداً عنها واستحوذت عليه بعد كل السنوات التي قضتها هي في تربيته والسهر على راحته وإعداده لملاقاة الحياة وتحمل المسؤولية، وهذا نوع من «الضرر» الخفي لا يتم الإعلان عنه صراحة إلا في أوقات معينة وعبر تفجير مواقف خرجت عن سيطرة الطرفين في محاولتهما لإبداء التعايش السلمي وإظهار أفضل ما لديهما، لا سيما أمام الزوج الابن.
#وبعض أنواع «المضاررة» من الدرجة الثانية تتمثل في الإحساس بالغيرة والضيق من وجود امرأة أخرى, كانت يوماً ما في حياة رجل، بمعنى أن تغار الزوجة – مثلاً – من طليقة زوجها، أو (المرحومة) زوجته التي انتقلت إلى جوار ربها، وهي غيرة مرضية غير منطقية ولكنها دون إرادة الزوجة، فهي ترى طيف الأخرى في كل تفاصيل وحركات وسكنات زوجها، فهي في قرارة نفسها تعلم أنها أتت متأخرة مهما احتفى هذا الزوج بقدومها وحاول أن يؤكد لها أنها مختلفة وأن مشاعره تجاهها جديدة ولا تشبه كل ما راوده من قبل من أحاسيس، وهي ترفض تصديقه بينها وبين نفسها لأنها تعلم أن كل الأحداث التي تمر بهما معاً سبق وأن عاشها مع الأخرى بحلوها أو مرها، وربما حتى العبارات التي يستخدمها في حياته معها الآن ما هي سوى موروثات من حياته السابقة مع امرأة أخرى لن تستطيع هيّ أبداً أن تغض الطرف عن أنها سبقتها لوضع البصمة الأولى على كل شيء في حياته، لا سيما أحاسيسه الإنسانية الفطرية.
هذا النوع من «المضاررة» يفقد هذه المرأة ثقتها بنفسها وبزوجها لأسباب مهما كانت منطقية وقوية تبقى من الماضي الذي لا يعود ولا يجب استحضاره. كما أن بعض آثار هذه «المضاررة» قد تقع على الأبناء – إن وجدوا – فتبدأ هذه الزوجة في محاولة إبعاد الأب عن أبنائه وكأنها تنتقم من «ضرتها» فيهم، فإن كانت تلك «الضرة» في رحاب الله فقد تعمد هي إلى إساءة معاملة الأبناء «الأيتام»، إن كانوا في معيتها ومعية أبيهم، حتى تكسر كل الأشياء الحميمة والنبيلة بينهم وبين والدهم.
#أما إن كانت هذه «الضرة» طليقة أو زوجة سابقة، فستظل هذه الزوجة الجديدة في حالة من الرعب الدائم تلاحق زوجها بسؤالها ودموعها واعتراضها عن أي مبادرة طيبة قد تجمع بينه وبين زوجته السابقة، حتى وإن كانت بسبب الأولاد، فهي لا ترحب أبداً بفكرة زياراته الراتبة لأبنائه أو خروجه معهم خشية لقائه بزوجته السابقة وتدفق الذكريات والحنين. وهي بهذا تلقي بنفسها وسط النار لأنها لا تفهم أن ما بينهما قد تجاوز ما يخطر بعقلها المريض السطحي وبلغ حد الدم بوجود هؤلاء الأبناء كواقع حي ينمو ويطالب بحقه في كليهما، مما يستلزم وجود شكل من أشكال العلاقة الطيبة المحترمة بين الاثنين ما لم يكونا من الجهل بمكان.
وعلى هذه الزوجة المسكينة أن تتذكر دائماً، أن زوجها وتلك الأخرى، قد اختارا طائعين هذا الفراق، مما أفسح لها المجال، وعليها أن تحارب أفكارها السوداء قبل أن تلحق بسابقتها!!
:تلويح#
من ليس فيه خير لأبنائه و(عشرته)، فلا خير فيه لأحد!!