منوعات

موسفيني في الخرطوم .. حزمة سياسات في حقيبة واحدة

المبنى الدبلوماسي المهمل في شارع الجامعة بوسط الخرطوم للبعثة الدبلوماسية اليوغندية يعكس بجلاء أزمة العلاقة بين الخرطوم وكمبالا، ويتنفس في الوقت نفسه حالة العداء الدبلوماسي البائن بين البلدين. ففي خلال فترة حكم الرئيس البشير منذ 1989م وحكم امتد في كمبالا منذ العام 1986 للرئيس موسفيني، راوحت العلاقة بين السودان وأوغندا، وبنيت على الاتهامات المتبادلة التي وصلت مرحلة تقديم الشكاوى لكلا الطرفين بجميع المسارات الإقليمية والدولية. الخرطوم طالما نصبت لكمبالا أشرعة الاتهامات بدعم الحركات المسلحة، فيما رسمت كمبالا للخرطوم مستمراً بدعم جيش الرب بقيادة جوزيف كوني، حتى في أفضل الأوقات لم تقف كمبالا بعيدة عن دعم الحركات المسلحة وظلت الظهير الرئيس للحركة الشعبية لتحرير السودان وقائدها التاريخي د. جون قرنق. وبالإعلان عن الزيارة غير المفاجئة للرئيس موسفيني للخرطوم خاصة للمتابعين لزيارة المبعوث الأمريكي دونالد بوث، تبقى الناحية المهمة للزيارة ليست وصول موسفيني للعاصمة السودانية، إنما لماذا قبلت الدبلوماسية السودانية بقيادة وزير الخارجية، تلك الزيارة «المفروضة» عليها في هذا التوقيت المهم لأصحاب العيون الزرقاء لمعالجة أزمة دولة جنوب السودان وانهيار اتفاق الفرقاء الجنوبيين.

سر الزيارة
تتمركز عدة أسباب وراء زيارة موسفيني للخرطوم بعد يومين، بيد أنها تحمل سراً واحداًَ وهو أن تلك الزيارة فرضتها الإدارة الأمريكية على الخرطوم خلال زيارة المبعوث الأمريكي للخرطوم دونالد بوث واجتماعه بوزير الخارجية إبراهيم غندور، ووضع بوث تفاصيل أزمة الجنوب، وطفق إبان اجتماعه بالمسؤولين السودانيين بالخارجية في وضع طرائق لحلها أبرز ما أورده أن حل الأزمة يتطلب علاقة طبيعية بين السودان وأوغندا، وهي ما وصفه بـ الهم الأكبر للإدارة الأمريكية. وحسبما نقل مصدر مطلع لـ«الإنتباهة»، فإن بوث نقل للمسؤولين ضرورة مناقشة العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة خاصة لمقابلة الجهود الأمريكية لحل أزمة الجنوبيين، ووضع تفاصيل محددة تتمثل في زيارة موسفيني للخرطوم.
سر آخر
وتبين بعض المتابعات، أن بوث قاد اجتماعاً بموسفيني وأقنعه بضرورة زيارة الخرطوم، وناقش اعتدالاً للعلاقات مع الخرطوم، ووضع أطراً جديدة لتلك العلاقات لحل أزمة الجنوبيين، مما يفسر بأن لا الدبلوماسية ولا وزير الخارجية هما وراء تلك الزيارة. وتوضح المتابعات أن الإدارة الأمريكية نشطت في الملف السوداني الأوغندي لعدة أسباب أهمها: الرفض الواضح للخرطوم للتدخل العسكري الأوغندي في جنوب السودان، والهموم التي تصاحب ذاك التدخل، كما أن للخرطوم ملاحظات موثقة حول دعم أوغندا المباشر والمكشوف لكل الحركات المسلحة التي تقاتل النظام في الخرطوم في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، بجانب الإقامة الدائمة لقادة تلك الحركات في كمبالا وحصول بعضهم على جوازات سفر أوغندية.
سر السرقة
أخفت الخارجية تفاصيل سرقة ثانية تعرض لها سفير السودان بكمبالا الأسبوع الماضي، وكشفت مصادر مطلعة بأن الخارجية أخفت موضوع السرقة حتى لا تحرج كمبالا تزامناً مع زيارة الرئيس موسفيني للخرطوم. وفسرت مصادر دبلوماسية إخفاء السرقة وعدم الاحتجاج الرسمي عليها نسبة إلى الزيارة خاصة وأن تلك السرقة الثانية لمنزل السفير الذي يقع في منطقة بكل المقاييس تعتبر من أكثر الأماكن أمناً، حيث يجاور منزل السفير منزل وكيل وزارة الدفاع الأوغندية ومسؤولين بالجيش والشرطة وسفارات، وتزامنت تلك السرقة مع إعلان الزيارة مما يظهر رسالة واضحة من أوغندا ربما أرادت بثها في هذا التوقيت لما يسمى «جس النبض».
ملفات الزيارة
تناقش الزيارة بجانب العلاقات الثنائية وفق ما أكده مصدر دبلوماسي مطلع، أزمة الجنوبيين والاتفاق الأخير، وربما تطرقت الزيارة التي دمغتها جهات معينة بالناشطة نجوى قدح الدم، التي لا علاقة لها بالترتيب لها، وربما رافقت موسفيني، ربما تطرقت بحسب المصدر نفسه إلى الملفات الأمنية بين البلدين والاتهامات المتبادلة، وربما خرجت ببيان مشترك حالما رافق وزير الدفاع الأوغندي الرئيس موسفيني للخرطوم.
حقيبة وسياسات
مع انتهاء الزيارة لا يتوقع مراقبون تقدماً في مسار العلاقة بين البلدين، وتقع على عاتق التقدم نقاط مثقلة بالخلافات بين البلدين. ويصف دبلوماسي عمل في كثير من السفارات الإفريقية منها كمبالا، الزيارة بالغامضة. ويرى أن طبيعة العلاقة المتوترة بين البلدين تستدعي أولاً حسم كثير من الملفات خاصة العسكرية، ومن ثم الانتقال لتبادل الزيارات على مستوى الرؤساء. ويرى أن موسفيني لا يحمل سياسة واحدة في حقيبته عند زيارته للخرطوم. ويضيف: «لست أدري ما يحمله، لكن لديه كثيراً من الممرات المعدة سلفاً والمرتبة بحسب مصالحه والتوجيهات الغربية»، ويجزم محدثي ــ الذي فضل حجب هويته ــ بأن العلاقة مع كمبالا تحتاج لدراسة متكاملة محددة بدقة التفاصيل، لأن التعامل مع كمبالا هو تعامل مع أكثر من جهة غربية تناصب الخرطوم العداء، بجانب العلاقة المباشرة والمؤثرة بين أوغندا والإسرائيليين. ويلفت إلى أن قبول الخرطوم بالزيارة يتمحور حول سببين أساسيين هما: وضعية الخرطوم بملف السلام في دولة الجنوب، والتمهيد لملف التعامل مع الولايات المتحدة لتقوية موقف الخرطوم.
ذريعة قديمة
ظلت الحكومة طوال الفترة الماضية تصف اتهامات أوغندية لها باستئناف دعمها لـ «جيش الرب الأوغندي»، بأنها محاولة لعكس الحقائق وذر للرماد في العيون والهروب إلى الأمام، وتقول إن الحكومة الأوغندية تدرك قبل غيرها خطل ادعاءاتها، وأن جيش الرب لم يعد سوى ذريعة تستخدمها لأغراض داخلية وخارجية. وطالما وجهت الخرطوم اتهامات لأوغندا بانتهاك معاهدة المؤتمر الدولي لإقليم البحيرات حول الأمن والاستقرار والتنمية في الإقليم، والتي حرمت على الدول الأعضاء دعم أية مجموعات مسلحة تعمل ضد حكومة أية دولة عضو، أو السماح لها بالوجود في أراضيها.
نقاط واتهامات
– تتهم الخرطوم كمبالا بدعم الحركات المسلحة.
– نقطة اتهام لكمبالا بالتورط في مقتل د. جون قرنق.
– نقطة اتهام لكمبالا في تصفية الفريق جورج أطور.
– اتهام مباشر لكمبالا بإيواء قادة الحركات المسلحة.
– المعارضة الجنوبية تتهم كمبالا باستخدام الأسلحة الكيميائية بالجنوب.
– المعارضة الجنوبية تتهم الطيران الأوغندي بقصف المدن والقرى.
– كمبالا تتهم الخرطوم بدعم جيش الرب.
– سرقة منزل سفير السودان بكمبالا مرتين على التوالي.
– رفض زعيم المعارضة الجنوبية زيارة كمبالا خوفاً من تصفيته.
– الاتفاقية الأمنية بين جوبا وكمبالا وتدخل الجيش الأوغندي.
– تأمين القوات الأوغندية للعاصمة الجنوبية.
– وصول أعداد الجنود الأوغنديين بالجنوب إلى «23» ألف جندي.
– يمثل الاستثمار الأوغندي بالجنوب حوالي «73%».
– تقع غالبية أملاك القادة الجنوبيين بكمبالا.
– الخرطوم استدعت السفير الأوغندي أكثر من مرة.