عبد الباقي الظافر

الوصمة..!!

تعلمت حواء خاصية الاستشعار عن بعد.. هذه المهنة تجعلك ترتاب في كل زبون حتى يثبت لك انه ليس في مهمة سرية..إحساسها يؤكد لها ان هذ الإمسية لن تمر بهدوء ..قررت ان تعود الى بنتها المراهقة مبكرا..ولكن احدهم سياتي ليستلم البضاعة من مجلسها ..انها مائة جنيه ثمن الجمع بين راسين في الحرام ..منذ ان بدأت بنتها مشاعر تتحول الى انني جميلة وجاذبة فكرت اكثر من مرة ان تتقاعد..لا تريد للعار ان يلحق بهذه الصبية الرائعة..وخشيت من اولاد الحرام ان يدخلوا الى بيتها .
لا تريد ان تكرر مأساتها مع ابنتها الغالية .لم تختار حواء هذه المهنة..وجدت نفسها في هذا المحيط..أمها بائعة هوى ووالدها قواد..كل الحي الشعبي كان يمتهن هذه المهنة تحت بصر وسمع وتنظيم الحكومة..لم تجد من يعينها رغم تفوقها في الدراسة ..الظروف الان اختلفت..الحكومة تتربص بهذه الشريحة..المجتمع يضع على أفرادها بطاقة ممنوع الاقتراب ..ليس هنالك إساءة اسوا من تصف بشر انه يتاجر بشرفه…خاطبت حواء ضميرها انها الان خارج الميدان ..اعتزلت اللعب ..لم تعد تبيع نفسها..كل ما تفعله مجرد سمسرة وحراسة لبيت مشبوه ..حتى هذه ستتركها وتفتح مطعم في سوق بحري.. سترحل عن هذا المكان..لا تريد احد يعير ابنتها بذاك التعبير الخادش.
ارتفعت دقات قلب حواء حينما لمحت ابنتها مشاعر تقترب من دائرة الخطر..فجاءة هبطت مشاعر من ركشة ثم سارت الى مجلس أمها ..انتصبت حواء الخمسينية واقفة وبلغة حاسمة وحازمة « يا بت الجابك شنو هنا..ليه خليتي مذاكرتك»..همست الصغيرة في إذن أمها ..بعدها سحبت حواء كرسي لابنتها ..وجعلته بعيدا عن مجلسها وقريبا من عينها..ماذا لو اكتشفت ابنتها سر هذه المهنة التافهة.
ضغطت على أزرار الهاتف لتحس زبونها القادم على الإسراع..في حوزتها ثلاث فتيات ورابعة في الخدمة..قالت لنفسها ماذا اذا جاء زبون وطلب ابنتها..تحت هذا الإحساس بدأت تطفئ نار القهوة ..وتجمع في أدواتها ..ارادت ان تعتذر لصاحبات الحظ التعيس..حتى هذه المهنة باتت كاسدة.. اجهزة التواصل من الهواتف الغبية والذكية جعلت الشر لا يحتاج الى وسطاء .
ابتسمت حينما توقف الزبون بعربته الفخمة بعيدا عن مجلسها الذي كاد ان ينفض..تعودت على اجراء المحاسبة قبل استلام البضاعة لهذا اتجهت الى حيث تقف العربة البيضاء..فجاءة جاء رجال الشرطة السرية وأحاطوا بالمكان ..بدأت ترتجف وتبكي بجنون حينما رأت ابنتها في جوف الدفار..حاولت ان تخلصها من الاسر ولكنها نالت صفعة وتهمة جديدة بمقاومة السلطة.
لأول مرة لم تستطيع حواء النظر في عيون ابنتها ..المراهقة التي كانت مشدوهة ولا تعرف انها باتت من هذه اللحظة تحمل الوصمة.