قصة أشهر حادث سرقة ذهب في التاريخ: اختفى 91 كيلوجرامًا فمات 20 شخصًا من الحسرة
أجواء أمنية مشددة طوقت قطار شركة سوث إيسترن بمحطة لندن بريدج في ساعة مبكرة من يوم 15 من مايو عام 1855، حمل العمال الصناديق الثلاثة ووضعوها بحرص على متن القطار في انتظار رحلتها إلى بلاد الموضة، مر الضباط على القطار مرة تلو الأخرى، وتحققوا من الصناديق وسلامتها، كانت تلك الصناديق تساوي رقابهم، ولم يكونوا في استغناء عن رقابهم، فالقطار الذي كان لينطلق بعد ثوان في طريقه إلى فوكستون ومنها تنتقل الصناديق على متن مركب إلى فرنسا، حمل داخلها 91 كليوجرامًا من الذهب الخالص.. القطار يتحرك والرحلة تبدأ لكنها لم تكن لتنتهي كما بدأت.
كانت إجراءات تأمين صناديق الذهب شديدة التعقيد، خاصة وأن في تلك الأيام ازدادت بشدة حوادث سرقة القطارات، فتم التأكد منها وإغلاقها عدة مرات، ثم وضعت قضبان حديدية على الصناديق، أما فتح الصناديق فكان يتطلب مفتاحان وليس مفتاحًا واحدًا، كل مفتاح منهما مع شخص مختلف من ذوي الثقة، وبمجرد إغلاق الصناديق وإعادة وزنها للتأكد من أن الكمية كاملة داخل الصناديق، انطلق القطار في اتجاهه المحدد تحت الحراسة المسلحة المشددة، كما روى موقع Daily Reckoning.
وصل القطار إلى فوكستون، وأخرجت الصناديق تحت الحراسة المشددة لتنقل إلى باخرة اللورد واردن لتأخذ طريقها الأخير إلى بولون في فرنسا. مر الوقت ووصلت الباخرة إلى السواحل الفرنسية أخيرًا، والحراسة لا تزال تحيط بالصناديق من كل جانب. يخرج العمال الصناديق ليتم ميزانها مجددًا، ليلاحظ أن أحد الصناديق يقل في وزنه الذي دون في الوثائق الإنجليزية بحوالي 18 كجم، فيما كان وزن الصندوقين الآخرين يزيد بقليل.
ورغم ذلك، أرسلت الصناديق الثلاث مغلقة كما هي إلى باريس، وهناك تم وزنهم مرة أخرى ليطابق الوزن نفسه الوزن في بولون، لتتأكد المعلومة.. الكارثة قد حلت.. الذهب قد سرق.
فتح الموظف الفرنسي بير هازنارد أول الصناديق ليكتشف 16 حقيبة من الرصاص، بالإضافة إلى 13 سبيكة من الذهب المتبقي. أما الصندوق الثاني فكان قد استبدل كل ما بداخله من ذهب برصاص أيضًا.
كانت الصناديق سليمة تمامًا، لم تفتح سوى بمفاتيحها، رغم بقائها مع الموظفين الموثوق بهم ولم يتم الإبلاغ عن فقدان أي من المفاتيح، كان لغزًا محيرًا للجميع، كيف حدث ذلك تحت أعيننا وأبصارنا، وكان على الشرطة البريطانية الإجابة، كان عليها حل لغز تسبب في وفاة قرابة 20 شخصًا من الصدمة والغضب.
استجوبت الشرطة البريطانية مئات الأشخاص، قبل أن تتهم 4 تحديدًا بتنفيذ تلك العملية، التي اعتبرت لاحقًا أشهر عملية سرقة ذهب في التاريخ.
تكشفت ملامح العملية، كان عقلها المدبر مزور يدعى إدوارد أجار، تقابل يومًا قبل عدة سنوات بطابع تذاكر يدعى ويليام بيرس، وتناقشا معًا في كيفية سرقة الذهب الذي يتم نقله بين لندن وباريس، قبل أن ينضم لهما اثنين آخرين، هم جيمس بارجس، شيال القطار، ووليام تستر، مدير محطة مارجيت، كما ساعد «أجار» أيضًا المحامي الفاسد جيمس تاونسند سوارد.
وبقى السؤال، كيف استطاعوا أن يفتحوا الصناديق؟ وكانت الإجابة بقدر تعقيد القصة أبسط مما يتصور أحدًا، فببساطة استطاعت العصابة أن تحصل على نسخة شمعية من المفاتيح بطريقتين وحادثتين منفصلتين، قبل أن يخبئوا حقائب الرصاص داخل حقائبهم وسجادة ويحجزوا مقاعد في الدرجة الأولى للقطار.
كانت الخطة التي نفذت بشكل متقن أن يصعد «أجار» و«بيرس» القطار، ويسلما حقائبهما للشيال «بيرجس»، الذي سيحملهما ويضعهما في عربته داخل القطار، قبل أن يتسلل لاحقًا «أجار» إلى عربة «بيرجس» ليتعامل مع الصندوق الأول ويبدل ما فيه، وعندما يصل القطار إلى أولى المحطات في «ريدهيل»، ينتظر «تستر» ليأخذ الجزء الأول من الذهب، وفي الطريق من «ريدهيل» لـ«فوكستون» ينضم «بيرس» لـ«أجار» في العربة بالخلف ليتعاملا مع الصندوقين الباقيين، لكن مع فتح الصناديق، اكتشف الثنائي أن كم الرصاص الذي أتوا به ليس كافيًا ليكون بنفس الوزن الذي كان عليه الذهب داخل الصناديق.
وفي محطة فوكستون، حمل «بيرس» و«أجار» حقائبهما الجلدية والسجادة وغادرا القطار في هدوء شديد لا يعكس أهمية ما يحملونه، تاركين «بيرجس» على القطار للقيام بعمله كشيال.
وتقابل الرباعي لاحقًا في منزل «أجار» بغرب لندن حيث تم بناء فرنٍ وقضت المجموعة الثلاثة أيام اللاحقة في تذويب الذهب، لكن كل هذا حدث قبل أن تكتشف الشرطة تفاصيل الجريمة.
المصري اليوم