ابراهيم دقش : يا مكاوي.. أخشى عليك من (كاني ماني)
دائماً تستوقفني الأعمال والإنجازات الجادة.. وقد تابعت الأسبوع الماضي المهندس مكاوي محمد عوض، وزير النقل والطرق والجسور الإتحادي وهو يشرح بالتفصيل ما رشح من معلومات عن شراء طائرتين (أيربص) للناقل الوطني وطائرات صينية صغيرة، حمولة ستين راكباً، للسفريات الداخلية وشراء تسعة مواعين بحرية للخطوط البحرية السودانية وشراء قاطرتين وتأهيل خط سكة حديد بطول ألف كيلومتر ويزيد تتخلله ست وعشرين محطة.. فقد أوضح كيف أن التمويل تم تحريكه من الصين، وتبعه توقيع إتفاقات وفق آجال محددة ومدى زمني واضح وختم بأن رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، سيحضر التوقيع النهائي على تلك (الصفقة) الرابحة في الصين.. أفلا يستحق هذا الرجل – عاشق العمل والإنجاز – مكاوي محمد عوض رفع القبعة له على هذا العمل رفيع المستوى والقيمة؟
تصوروا أن خطوطنا الجوية السودانية، سفريات الشمس المشرقة سابقاً، التي جار عليها الزمن وأخني عليها الذي أخني علي (لبد) فأصبحت لها طائرة واحدة (عونية أم صالح) بدأ الأمل يساورها في أن تستعيد عافيتها، لا لتلحق بالخطوط الكينية أو المصرية أو الإثيوبية، بل لتنافسها بعد أن توفر لها عنصر الإنطلاق.. ومازلت عند رأيي أن تتحول الخطوط الجوية السودانية إلى شركة مساهمة تملك نصفها الحكومة والنصف الآخر يطرح كأسهم في السوق السوداني على أن تعمل كشركة تجارية (وبعقلية) السوق تزول عنها البيروقراطية ويفارقها الروتين وتذهب عنها (أدواء) الخدمة المدنية.
وتصوروا أن الخطوط البحرية السودانية التي سادت البحار يوماً في عهد الرئيس عبود الذي وفر لها الإمكانيات من يوغسلافيا، فإنطلقت بسفن عديدة وبطاقات مديدة، هبطت فجاءة إلى قاع (البحار) والآن بدأ الأمل يدب في أوصالها لتعود سيرتها الأولى رافعة في مقدمة سفنها علم السودان الحبيب.
وتصوروا سكك حديد السودان التي كانت منتهى الإنضباط، ومفخرة السفر والنقل في زمان مضى، والتي كان (إضراب) عمالها يهز إقتصاد السودان كله، وشبكات خطوطها تربط البلاد شرقاً وشمالاً وغرباً وجنوباً، تحولت فجاءة إلى (ما فيش).. ويحاول صديقنا المهندس مكاوي النفخ في صورها، فهل من عودة إلى ماضيها الجميل وتاريخها الزاهي؟ وهنا أنبه بأنني ركبت قطار عطبرة (الصيني) مرة واحدة، ولن أكررها فسرعته التي يعمل بها الآن في حدود ستين كيلو في الساعة بينما في الأساس هي تسعين كيلو، لكن (القضيب) لا يتحملها وعند التجربة الأولى كاد القطار.. يطير.. عندما وصلت السرعة 75 كيلو في الساعة.. وطالما أن (التكنولوجيا) قادمة من الصين، فمن المهم إستيعابها متكاملة حتى لا نفاجأ في اللحظات الأخيرة بـ(كاني وماني)!!
وقصة (كاني ماني) طريفة، فقد قالها الرئيس الأسبق المشير جعفر نميري عند إبرام إتفاق مع جهة أجنبية فما كان من المترجم إلا أن سأل نميري: (دي بترجموها كيف يا ريس؟).