محمد لطيف : قريباً من المواطن.. بعيداً عن جيبه
أمس كنا ضيوفا على حكومة ولاية الخرطوم.. في مقرها الكائن جنوب الخرطوم.. وليس الخرطوم جنوب.. حيث قلب المدينة النابض.. كلا بل في ذلك المكان القصي الذي لا يناسب ولا يتناسب مع حكومة في حجم الخرطوم وقامتها.. الشاهد أن حكومة الخرطوم الجديدة قد أدت القسم منتصف نهار ذاك اليوم.. وضيق المكان دفع القائمين على البرنامج للاعتماد على التكنولوجيا في إخراج الحدث.. إذ جرت مراسم أداء القسم في صالون ملحق بالقاعة الرئيسة.. وتم نقله على الشاشات للحضور بالقاعة.. وليس لكل هذا قيمة بأكثر من أن نقول للوالي الجديد.. نحن ننتظر تحسين وضع حكومتك.. لنطمئن إلى أنها قادرة على تحسين أوضاع المواطن..!
أما اللقاء الذي كنا نظن أنه لقاء روتيني لن يتجاوز التعارف.. وتبادل التحايا.. والنكات.. باعتباره لقاءً بروتوكوليا يعقب مراسم أداء القسم.. ليس مطلوبا منه شىء.. فقد تحول والحق يقال إلى لقاء مهم جدا.. بدا وكأنه المؤسس لكل عمل الحكومة في المرحلة المقبلة.. ووفقا لرصدي الشخصي ولا ألزم به أحدا.. فقد انتهى اللقاء بثلاثة مُخرجات رئيسة.. أولها وأهمها أن المواطن ولا شيء غير المواطن.. هو ما ينبغي أن يكون هدف الحكومة وهمها.. خدمة المواطن وراحته والوفاء باحتياجاته.. هذا ما قاله الوالي.. وأمن عليه الجميع.. ليس مرة واحدة ولا مرتين.. بل ثلاث مرات.. أن نكون قريبين من المواطن.. الأمر الثاني.. أو المُخرج الثاني.. هو تأكيد الوالي على شح الموارد.. بل ونضوب المورد الرئيس فيها.. وهو الأراضي.. مما يحتم الولاية البحث عن موارد جديدة.. كان الوالي صريحا ومباشرا وهو يطالب.. بل ويوجه مرؤوسيه بضرورة استنباط موارد جديدة لتوفير التمويل المطلوب للولاية.. فإذا كان المُخرج الأول قد ركز على ضرورة أن يكون المسؤول قريبا من المواطن.. فإن المخرج الثاني.. عكس الأول تماما.. فقد شدد على أن يتم الأمر بعيدا عن المواطن.. أراد الوالي أن يقول لوزراء حكومته ومعتمديه لا تجعلوا المواطن.. حيطتكم القصيرة.. فتحاصروه بالرسوم.. بل ابحثوا عن موارد حقيقية.. وبدا الوالي.. كذلك.. وكأنه يريد أن يقطع الطريق على شائعة رائجه منذ اختياره واليا للخرطوم وهي.. أن عبد الرحيم يستطيع أن يمر على الرئيس في أي وقت ويخمش منه شوية مليارات للولاية..!!
أما المُخرج الثالث والمهم فقد تمثل في اعتراف الحكومة.. وبوضوح بضرورة التخطيط الاستراتيجي.. على أن يكون ذلك التخطيط ذا صلة بالواقع.. لا تهويما فوق الرؤوس.. كما أكد ذلك رئيس المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي الدكتور محمد حسين أبو صالح.. وهو نجل النطاس العبقري بروفيسور حسين سليمان أبوصالح.. ذو المصداقية العالية والثقة بالنفس.. وأمن على حديثه الوالي نفسه.. فهو قادم أصلا من مؤسسة تعني بالاستراتيجية وتقدسها.. دعيت للحديث فأعلنت تعاطفي ابتداءً مع الحكومة لأنها حكومة صحافيين.. تضم صحافيين وناشرا وكاتبا وأديبا.. وهم على التوالي مجدي عبد العزيز وحسن إسماعيل ومأمون حميدة ومحمد حسين أبوصالح ومحمد يوسف الدقير..!