قمع السيسي لن يأتي بالاستقرار لمصر
نشرت صحيفة ديلي تلغراف أن الحكومة المصرية منحت نفسها صلاحيات كاسحة لمكافحة الإرهاب ومعاقبة وسائل الإعلام التي تحيد عن الطريق الرسمي المرسوم لها، وقالت إن القانون الجديد الذين أقره الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الأول الأحد من شأنه أن يسرع إجراءات المحاكم وزيادة الاحتجاز الجزئي وفرض غرامات كبيرة على تقارير الإعلام “الزائفة”.
وأشارت الصحيفة إلى خشية جماعات حقوق الإنسان من إمكانية استخدام القانون الجديد لزيادة تكميم أفواه المعارضة واستهداف المنتقدين، وأضافت أن السيسي -بعد سنتين من الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي- ترأس فترة قمع تذكر بأحلك أيام دكتاتورية حسني مبارك.
وقالت إن السلطات تبني ما تصفها جماعات المحامين بـ”دكتاتورية قانونية”، يعزز كل قانون جديد فيها يد الدولة القوية بالفعل، وهو ما دعا اللجنة الدولية للحقوقيين بجنيف أمس الاثنين إلى القول إن التشريع الجديد من شأنه أن “ينحي جانبا الضمانات القانونية والحقوقية الأساسية للإنسان”.
وأضافت الصحيفة أن النظام الحالي يتهم جماعة الإخوان بمسؤوليتها عن العنف في البلاد لكنه فشل في تقديم أي دليل دامغ ضدها على الرغم من التوسع في صلاحيات المراقبة من قبل أجهزة المخابرات.
وترى الصحيفة أن قانون مكافحة الإرهاب الجديد يضع مصر تحت حكم طوارئ مشابه ظلت البلاد تدار بموجبه منذ عام 1952 الذي كان مبرره آنذاك الحرب مع إسرائيل وبعد ذلك الحاجة إلى مكافحة “الإرهاب”، ثم ألغي بعد ثورة 2011 لكنه أعيد على فترات متقطعة منذ ذلك الحين.
“السيسي يبدو عازما على بذل كل ما بوسعه لترسيخ رؤيته الخاصة لحكم الرجل الواحد في مصر لأنه منذ الانقلاب الذي شنه وأطاح فيه بجماعة الإخوان المسلمين من السلطة تصرف بطريقة أكثر قمعا بكثير مما كان متوقعا”
وفي السياق، كتبت فايننشال تايمز في افتتاحيتها أن قمع السيسي لن يأتي بالاستقرار لمصر، وأن نظامه يشجع المعارضين المعتدلين على الانضمام إلى “الجهاديين”.
وقالت الصحيفة إن السيسي يبدو عازما على بذل كل ما بوسعه لترسيخ رؤيته الخاصة لحكم الرجل الواحد في مصر، إذ إنه منذ الانقلاب الذي شنه وأطاح فيه بجماعة الإخوان من السلطة تصرف بطريقة أكثر قمعا بكثير مما كان متوقعا، حيث ملأ السجون بخصومه، والآن فتح فصلا جديدا في هجومه من خلال تمرير قانون مكافحة الإرهاب الذي يعزز سلطة الدولة البوليسية.
وأضافت أن هذا القانون علامة أخرى على أن السيسي شرع في خطة “متهورة” للقضاء على المعارضة الداخلية لنظامه.
وأشارت افتتاحية الصحيفة إلى أن القانون يثير قلق الجماعات الحقوقية ليس لأنه يفرض عقوبة الإعدام على كل من تثبت إدانته بإنشاء أو قيادة جماعة “إرهابية” ولكن لأن تعريف الإرهاب بموجب القانون مطاط جدا ويمكن أن ينطبق على أي عمل عنف يتم أثناء مسيرة احتجاجية أو إضراب.
وأضافت أن في القانون أيضا تضمينات كئيبة لأن نظام السيسي لا يعتبر تنظيم الدولة جماعة إرهابية فقط بل كل جماعة الإخوان المسلمين أيضا.
واعتبرت الصحيفة أن من الأسباب التي تجعل السيسي يعمل بتلك الطريقة والإفلات من العقاب هو أن الرأي العام المصري على استعداد لتحمل ذلك، وسبب آخر أن الغرب مستعد لغض الطرف عن انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، ومع الاضطرابات التي تجتاح سوريا والعراق وليبيا أعطى السيسي مصر هالة من الاستقرار.
ونبهت الصحيفة إلى ضرورة تراجع واشنطن وحلفائها خطوة للوراء عن دعمها للسيسي، وأن عليها أن تعلن صراحة أن محاولته القضاء على كل المعارضة محكوم عليها بالفشل لأن حملته الصارمة تجعل الجيل الأصغر سنا من قياديي الإخوان يتطرف، وأنه ليس هناك بديل أمامهم سوى القيام بعمل مباشر ضد الدولة.
الجزيرة