غياب الحوار الجماعي يفضي إلى لوبيات داخل الأسر “2-2” الأم أقرب إلى الأبناء
تعج حياة الأسر السودانية بالكثير من المفارقات فيما يتعلق بطريقة التعامل بين أولياء الأمور وأبنائهم والعكس، وتبرز عدة تساؤلات من بينها كيفية تعامل الأم مع البنات ومسؤوليات البيت، هل تشارك الأب فيما يجري بينهما وبين الأولاد أم تخفي بعضها خوفاً من ردة فعله واعتقاداً منها على قدرتها معالجة الأمور لوحدها؟
ولماذا يميل الأبناء لإخبار الأم وإبعاد الأب عن تفاصيل حياتهم أحياناً؟ هل لأن الأم مستمع جيد ومنفذ لطلباتهم بكل سهولة؟ أم أنها أقدر من الأب على التعامل معهم؟ والتكتم على أسرارهم وفهم عقليتهم وميلوهم بعامل تقربها منهم منذ الصغر؟
مساحة للتعبير
يجيب أشرف بقوله: اشعر ابنك بأهميته مهما كان صغيراً وقليل الإدارك.. امنحه جزءاً من مساحة التعبير عن نفسه، عن ما يحب ويكره، واجعل الحوار الهادي والهادف بينكما. وأكد أشرف أهمية إظهار حب أولياء الأمور للأبناء، وأن يكون الرصيد العاطفي الذي يبحثون عنه، فالطفل يتألم ويتأمل ويؤثر ويتأثر ويريد قربك وإذا افتقد حنانك يسعى للبحث عنه في شخص آخر قط يستغله، وحينها يقع ما لا تتمناه. ويوصي أشرف بفتح جسر للتواصل فيما بين الأسر والأبناء لتعبر به إلى بر الأمان.
رقيب أسري
تعتقد إيناس (طالبة جامعية) أن المستفيد الأول من غياب الأب – رغيباً وحسيباً – هم الأبناء الذين يخشون مراقبة ذويهم على تصرفاتهم. وتضيف: صورة الأب التقليدي تولد إحساساً بالخوف، مما يساعد في استبعاده عن تفاصيل حياتهم اليومية واللجوء مباشرة إلى الأم في كل صغيرة وكبيرة، قاطعتها: لماذا الأم بالتحديد؟ أجابت إيناس: لأنها لا ترفض طلباً لأبنائها، لذلك لا أؤمن بضرورة تتبع الأب كل التفاصل عن سلوكيات أبنائه طالما اتفقا على وضع أسس للتربية. ويعزي محمد بشرى تقسيم الأسرة إلى (لوبيات) نسبة إلى غياب الحوار الجماعي، وكذلك ضمور دور الأسرة الممتدة مؤخراً، وقفل الباب أمام حل شامل يشارك فيه الجميع والأب واحد منهم. ويضيف بشرى: كثيراً ما يجد الأب نفسه أمام أمر واقع في الزمن الضائع ويصعب عليه التصرف، وهو آخر من يعلم، على الأب خلق مساحة بينه وبين أبنائه مع مراعاة فارق العمر، كما على الأم الواعية بمسؤولياتها أن تصنع أرضية خصبة للتلاقي الأسري. ويشير بشرى إلى الانتباه بأن لا نجعل الأم خادماً لنا والأب محفظة نقود للدفع فقط، يجب مشاركتهما في ما يخص الأبناء وتوزيع فرص المسؤوليات داخل الأسرة، وأن لا يخفي أحدهم أمراً عن الآخر، وهو حق له في المشاركة.
من أجل الحماية
يعتقد صلاح أن تكتم الأم على أسرار أبنائها لكي تكون أول وآخر من يعلم ويقول تشكل معظم الأمهات غطاء لتصرفات وأسرار أبنائهم. وأضاف: أمي تخفي تصرفاتي عن أبي لتحميني من غضبه وردة فعله، وهذا عمَّق علاقتي بها. أما عن معرفة الأب، فأجاب صلاح: سيعقد المشكلة، لذلك أترك الأمر لأمي التي تتفهم حاجتي إلى الترفيه والتسلية.. ما هي أكثر الأشياء التي تخفيها والدتك عن أبيك في شأنك؟ يجيب: تساعدني على التحرك بحرية سواء في اصطحاب أصدقائي أم في اختيار التوقيت كل المسألة توفير حرية أكبر.
وتقول زينب (ربة منزل): عاطفة المرأة تمنعها من أداء واجبها التربوي لهذا على الأب أن يكون حاضراً ويشعر أبناءه بسلطته حتى لا يختلط الحابل بالنابل، ووجوده ضرورة تربوية من وجهة نظري، فالأم دائماً تضعف أمام كلمة ماما وتغفر ما يصعب غفرانه أحياناً وتضيف زينب متابعة شؤون الأبناء بمعزل عن الأب، وهذا يهز صورته ويقلل في احترام أبنائه له، ومن العصب أن تتمتع الأم بقدرة الأب عن ضبط البيت وإعطاء التوجيهات الصحيحة. وتذهب زينب إلى ما هو أبعد من ذلك، وتقول إن إخفاء أخطاء الأبناء عن الآباء يولد عندهم نوعاً من الاستهتار بها، وتفقد هيبة الأم ووقارها بسبب الكذب الذي تمارسه على والدهم على مسمع ومرأى منهم، أما الغريب في الأمر عدم شعور الأمهات بالذنب لدى إخفائهن أخطاء الأبناء عن أزواجهن، بينما اعترف القليل بشعورهن بالذنب تجاه الآباء الذين هم آخر من يعلم!
الشعور بالندم
في هذا الجانب، تعبر أم سهى عن ندمها على اعتقادها الوهمي بأنها قادرة على احتواء ما يحدث لوحدها. وتضيف: منحت أبنائي الثقة وحرية التصرف، ولكن لقنوني درساً لن أنساه، كنت أكذب على والدهم وأتستر على أفعالهم، واعتقدت أني على صواب، ومن حقهم العيش كبقية الشباب، ونسيت أنهم من جيل يرفض الالتزام بقواعد التربية، ويستغلون منح الحريات لصالحهم، عندها وقفت في منتصف الطريق، وأخبرت والدهم بالحقيقة، وشرحت له ما كنت أفعله بحسن نية، وتفاجأت بتصرفات أبنائه كثيراً، وألقى اللوم على عاتقي.
اليوم التالي