التخصص الجامعي.. تنازع بين أحقية الأسر ورغبة الأبناء.. مستقبل الدراسة
نقطة الخلاف التي تبرز داخل الأسر أحياناً تتمثل في اختيار التخصص الجامعي بالنسبة للأبناء والبنات، حيث يعتقد الطالب بأنه أدرى الناس بإمكانياته، والأحق بتخطيط مستقبله، بجانب ارتياحه لتخصص بعينه، وفي المقابل يرى الوالدان أنهما الأكثر دراية ومعرفة بدهاليز الحياة من أبنائهما من واقع معايشتهما لما يحيط بالعملية التعليمية.
وبجانب ذلك يصر أولياء الأمور وبحكم خبراتهم على اختيار التخصصات، ويعدون أن الأبناء، وتبعاً للوضع الثقافي المتردي، فضلاً عن سطحية الكثيرين، أنهم بعيدون عن ما يهمهم من تطلع للمستقبل، وعلى الجانب الآخر، فهناك أسر تنتهج أسلوب التفاوض الهادئ أحياناً فيما تميل أخرى إلى طريقة الضغط على الأبناء.
فريسة اختيار الأسرة
وفي السياق، قال الخبير التربوي (حمد السر) إن الطالب الجامعي أحياناً يكون فريسة لاختيار أسرته لتخصص لا يرغب فيه مع الوقوف ضد رغبته. ويضيف: في بعض الأحيان نجد أن الأسرة اختيارها غير مناسب ما يترتب عليه من آثار نفسية على البعض من الأبناء. وأردف: لابد من القيام بحملة من المعالجات لتصحيح بعض المفاهيم وعرض المشاكل التي تعرض لها عدد من الطلاب بإجبارهم على اختيار جامعات وتخصصات ضد رغباتهم، مما عرضهم لعدد من المشاكل الأكاديمية وأهمها ترك الدراسة.
مستقبل جيد
من جهتها، قالت (هند خليفة) إنها اجتهدت كثيراً في امتحانات الشهادة السودانية، حتى حققت ما تصبو إليه، وهو دخول جامعة الخرطوم مدرسة العلوم الإدارية، إلا أنها صدمت بموقف أهلها في رغبتهم، وقالوا لها إنهم يفضلون كلية التربية لأن ستضمن لها الوظيفة، وإن مهنة التدريس مريحة ومستقبل جميع الأساتذة جيد، رغم أنها سعت جاهدة لإقناعهم برغبتها، إلا أنهم لم يهتموا لأمرها، وأكدت أنها درست التربية ولم تكن سعيدة بالرغم من أنها لا تجد نفسها فيها، وأنها حققت نجاحا كبيرا، ولا تزال تشعر بالظلم لأنها لم تحقق ما حلمت به.
قرارات مصيرية
وفي السياق، تقول الأستاذة (سامية عبدالقادر)، لا يوجد مبرر يدفع أولياء الأمور لإجبار أبنائهم على تخصصات لم تكن ضمن اهتماماتهم. وأوضحت: ليس لدى البعض الحق في التدخل في شؤون أبنائهم أو رغباتهم. وأشارت سامية إلى أن بعض الأهالي يعتقدون أن تدخلهم يعني مصادرة أحقية الأبناء في إبداء آرائهم في القرارات المصيرية في حياتهم، وطالبت أولياء الأمور بمراعاة حجم التدخل المطلوب وموقعه قبل إصدار أي قرار، لأن الطالب يجب منحه مساحة كافية لإبداء رايه وتحديد رغبته في اختيار الكلية التي يرغب في دخولها. وأكدت سامية أن دور الآباء يقتصر على التوجيه والنصح. وفي بعض الأحيان لا مانع أن يصل إلى حد الإقناع على ألا يتعدى ذلك، فالإجبار غير مناسب في هذه المرحلة العمرية التي سيقبل بها الطالب على الحياة الجامعية.
صراعات مع النفس
من جهته، قال الخبير النفسي (محمد نور) إن علاج هذه الظاهرة يرجع للأسر، وليس هناك خيار سوى استشارة الأبناء في التخصصات، والانصياع لرغباتهم مع الوقوف ضد الكليات التي ليست لديها مستقبل لهم. وأضاف: إجبار الطالب على دخول كلية لا يرغب فيها سيؤثر في مستقبله الأكاديمي، وربما يترك الدراسة. وأردف محمد نور الكثير من الأبناء يختارون مستقبلهم وأهدافهم في الحياة منذ الصغر، ويسعون دائما للوصول إليها من خلال اختيار التخصصات التي يرغبون فيها لأنهم يضمنون تحقيق النجاح المطلوب وقتها.
اليوم التالي