“الحشاشون” و”داعش”: انتحار واغتيال وإن اختلفت المذاهب!
خيوط جامعة تربط بين التنظيمات “المتطرفة” على اختلاف مشاربها المذهبية، وما يفصل بينها من مدى زمني قد يمتد قروناً عديدة.
في أواخر القرن الـ11 الميلادي، أسس حسن الصباح حركة “الحشاشين”، أو “الدعوة الجديدة” كما كانوا يطلقون على أنفسهم، وذلك بعد عودته إلى إيران، مدشناً دعوته إلى المذهب الإسماعيلي، مستغلاً تذمر السكان في بلاد فارس من حكم السلاجقة.
الصباح، الذي وصل أصفهان العام 1081، راح ينشر أفكاره وتكبر دائرة أنصاره.. دخل قلعة “ألموت” سنة 1090 بمساعدة عدد من مؤيديه المتواجدين داخلها، ليسيطر عليها تالياً، ويبدأ فصل جديد من تاريخ “النزاريين” استمر نحو 3 قرون.
“الحشاشون” اتخذوا “ألموت” مكمناً حصيناً لهم، وهي القلعة التي تقع في أعالي جبال “البرز” جنوب بحر قزوين، في منطقة وعرة. قاصدين ذلك كي يكونوا بعيدين عن هجمات خصومهم. في الوقت الذي أسسوا فيه لـ”استراتيجية عسكرية” لا تقوم على المواجهات والقتال التقليدي، وإنما على عمليات الاغتيال، والانتحار. وهي الاستراتيجية ذاتها التي تتبعها في الوقت الحالي التنظيمات “المتطرفة” مثل “داعش” و”القاعدة”.
التشابه بين “الحشاشين” من جهة و”داعش” من جهة أخرى، رغم التضاد المذهبي، مرده الطبيعة العنيفة للطرفين، والرغبة في النيل من الخصوم، وتوجيه ضربات استباقية تحدث “خلخلة” لدى معسكر الطرف الآخر، كونهم يعلمون أن هنالك خللا في ميزان القوة بينهم وبين الجهات والدول التي يواجهونها، ولذا يعمدون إلى اغتيال الشخصيات.
الحشاشون اغتالوا شخصيات عدة، منهم الوزير السلجوقي نظام الملك، و”القاعدة” حاولت العام 2009 اغتيال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف الذي كان مساعداً لوزير الداخلية حينها. ونفذت وخططت تالياً هي و”داعش” لاغتيال رجال أمن وضباط في مناطق مختلفة من المملكة.
الاستراتيجية الأخرى التي تشترك فيها “داعش” مع “الحشاشين” هي “الانتحار”، وذلك بعد أن ينفذ المُجند عمليته، خوفاً من إلقاء القبض عليه من جهة، ومحاولاً عدم البوح بأسرار الحركة والتنظيم من جهة أخرى، وأملا في “الفردوس المزعوم”!.
إضافة إلى ذلك، كانت كلا الحركتين تعمدان لتنظيم عمليات بشكل علني، سواء في الأماكن العامة، أو تحت مرأى الناس، لإحداث حالة من القلق والخوف في النفوس، محاولة أن تلعب على الوتر النفسي.
هو “العنف” و”القتل” له جذر واحد، وإن تعدد منفذوه، وإن اختلفت المسميات والمذاهب.
العربية
هذه العمليات التي تحدث في بلاد المسلمين وتستهدف كما ذكرت الأجانب ، ليست جهاداً ، بل هي فساد وإفساد ، وتخريب وتشويه ، وهي دالة على جهل مرتكبيها وطيشهم ، فإن هؤلاء الأجانب مستأمنون في بلاد المسلمين ، لم يدخلوها إلا بإذن ، فلا يجوز الاعتداء عليهم ، لا بالضرب ولا بالنهب ، فضلا عن القتل ، فدماؤهم وأموالهم معصومة ، والمتعرض لهم على خطر كبير ، كما روى البخاري (3166) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) .
أما التسبب في قتل المسلمين المعصومين ، فذلك جرم كبير ، وذنب عظيم ؛ فإن (زَوَال الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) كما قال صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي (1395) والنسائي (3987) وابن ماجه (2619) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وما يدعيه هؤلاء من الاستشهاد بمسألة التترس مردود عليهم ، وهو دال على جهلهم وظلمهم ، فإننا نمنع قتل الكافر مباح الدم لو كان وحده – لما ذكرنا من المفسدة – فكيف إذا انضاف إلى ذلك قتل غيره من معصومي الدم؟