وزارة المالية.. تريد مطبلاتية
مشكلة المواطن مع البرنامج الإصلاحي الذي تتبنى وزارة المالية تنفيذه هي أن هذا البرنامج يتضمن إجراءات جراحية قاسية لم يعد جسد المواطن قادراً على تحملها.. كما أن الحكومة مالت في خيارات الإصلاح التي تتضمنها هذه الخطة إلى تحميل المواطن كل أعباء العملية الإصلاحية المفترضة مع عدم التأكيد على نجاحها في إشفاء جسد الاقتصاد السوداني العليل.. بمعنى أن المواطنين سيدفعون هذا الثمن بلا ضمانات كافية لنجاح هذه الخطة خاصة وأن ثقة المواطنين في جدوى الخطط الاقتصادية التي تطرحها الدولة أصبحت ثقة ضعيفة من واقع التجارب السابقة.
الحكومة ليست لديها شهادات براءة أو ضمانات لفعالية تجاربها وعقاقيرها الاقتصادية التي تجرعنا لها، لذلك لا يجد بدر الدين محمود الآن من يسانده ويقف معه ويعول على برنامجه أو برنامج الحكومة الإصلاحي هذا.
كل الذي وجده وزير المالية من الرأي العام هو دعم تنفيذ آلية التحصيل الجديدة عبر أورنيك 15 الإلكتروني، وحتى هذه نفسها وجدت معارضة من البعض إما لغرض إفشالها والإبقاء على الواقع القديم بما يتيحه من فساد و(عضة) كما وصفها النائب الأول وإما أن يكون أصحاب تلك التحفظات ينظرون إلى تداعيات وآثار القرار الذي سيتسبب في تشريد عدد كبير جداً من الموظفين المتحصلين وهذه هي مسؤولية متخذي هذا القرار والذين يجب عليهم معالجة وتوفيق أوضاع هؤلاء.
باستثناء أورنيك 15 الإلكتروني لا توجد على ما يبدو لي أية نقطة أخرى في البرنامج الإصلاحي يمكن أن تجد دعماً ومساندة من الصحافة لتنفيذها، ولا يجب أن (يزعل) وزير المالية من الصحفيين ويتهمهم بتعبئة المواطنين ضد برنامجه الإصلاحي هذا، لأنه لا يوجد صحفي وطني عاقل يمكن أن يهلل ويصفق لإجراءات وقرارات رفع الدعم عن السلع وتحميل المواطن المسحوق أعباء معيشية جديدة..
إذا لم تكن الحكومة تشعر بحجم المعاناة التي يتكبدها المواطنون قبل أو بعد تنفيذ خطواتها في رفع الدعم عن السلع دون تعويض المواطنين وإقرار زيادات حقيقية للأجور في القطاعين العام والخاص.. فإن الصحافة تمثل صوت الرأي العام ونبض الجماهير ومن الطبيعي أن ينحاز موقفها إلى جانب المواطن.
ولو اجتمع صوت المواطن مع صوت الصحافة وصوت المعارضة وبعض نواب البرلمان ضد برامج وزير المالية فإن على وزير المالية في هذه الحالة أن يعمل بالمثل العامي السوداني (اتنين لو قالوا ليك راسك مافي أهبشو)..
على وزير المالية ألا يعود لتكرار مثل هذه الاتهامات للصحفيين مرة أخرى.. إما أن (يهبش راسو) ويراجع برنامجه هذا أو يصمت ويتحمل مواصلة السير في طريق الضغط على المواطن، وحده بلا داعم أو رفيق.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.