هل يجوز للصحفي أخذ المال من أي جهة؟
طبيعة العمل الصحفي تملي علي زملائنا توقع عنصر المفاجأة وبالتالي المباغتة بتصفية حسابات لا ناقة للصحفيين فيها ولا جمل ذلك ان المهنية تفرض قيودا صارمة علي وسطنا الصحفي في التعامل بحيادية وشفافية تجاه ما يطرح من قضايا يتعامل معها الصحفيون بكل جدية ولكن بالطبع لابد لتلك الحيادية من ان تصيب البعض برشاشها فتأتي خصما علي هدوء الصحفي وتقسم نومه تماما مثلما يقول المثل السوداني (عينك في الفيل وتطعن في ظله) في دلالة علي ان تبعات النشر كلها وردود الأفعال يتحملها الصحفي لوحده بلا مشاركة من أحد بل حتي ان الجهات التي مدته بالمعلومات قد تتنكر له في أبشع تجريم للأقلام يدفع ثمنه الصحفيون.
هل يجوز أن يتقاضي الصحفي مال خارج عن التي يعمل فيها، هذا السؤال يجهل إجابته الكثيرون الذي في السوط الصحفي، بل العديد يهرب من الوقوف عنده، لكونه يدخل الصحفي في شكوك في غنى عنها، فما بين الحافز من المؤسسات ذات الصلة من عمل الصحفي وبين الرشوة خيط لا رفيع لا ينظر بالعين المجردة، وفي الحقيقة كلهما أوضح من عين الشمس. في هذه المساحة طرحت ألوان لنتعرف من خلال الزملاء في الوسط الإعلامي بصورة عامة وعلي الصحفيين علي وجه الخصوص، هل من العرف أن يتقاضي الصحفي أموال خارج صحيفته. لان عدم الإجابة علي السؤال أوجدت ثلاث فرق في الساحة الصحفية كل له مبرراته، فريق يفترض أن أي مال يأتي من أي جهة فهو حرام علي الصحفي بحجة أن صحيفته تعطي راتباً مقابل عمله، أما الفريق الثاني يرى أن المال إذا جاء حافزا أو نثرية عمل مع الجهة التي غطي لها فعالية، فهو واجب أخذه، أما الفريق الثالث فهو يأخذ المال كيفما شاء.. وتسليطاً للضوء علي السؤال العريض، وضع أمام منضدة رئيس تحرير صحيفة المستقلة فتح الرحمن النحاس الذي قال لـ(ألوان) أمس: أن تقاضي الصحفي لأموال خارج مؤسسته الصحفية تعتبر موجودة في كافة الدول سواء كانت أجنية او في المحيط العربي، واستشهد النحاس بزيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش للسودان في أوقات سابقة ويضم وفده في طائرته عدد مقدر من الصحفيين والإعلاميين، فهؤلاء الكم من الصحفيين والإعلاميين تم تحفيزهم بأموال إضافة إلي استضافتهم في الفندق.
وتابع النحاس قائلا: قمت بزيارة العديد من الدول العربية وجدتهم يأخذون من الجهات التي غطوا لها فعالية. لافتاً إلى أن ظاهرة تقاضي الصحفي لأموال خارج من صحيفته موجودة في السودان قدم الصحافة. ووضع النحاس النقاط على الحروف بقوله: ما يسئ الفهم ويجعله مغلوطا في اخذ الصحفي لمال، عندما يبيع الصحفي الحديث لغرض شخصي أو حملة في حق جهة ما أو شخص ما. فبائعي الحديث في الصحافة السودانية موجود لكن الأقلية، وتعتبرون أقلية، وليس بالمقلق. وهؤلاء الزملاء من ذوي النفوس الضعيفة. وقال النحاس مفرقاً ما بين الحافز والرشوة، بان الأخيرة تأتي في إطار ضيق للذين يريدون القيام بها أي مع سبق الإصرار لمصلحة شخصية ولحسابات خاصة، بعكس الحافز الذي يعتبر متعارف عليها عالمياَ، لأنها تأتي في إطار العمل العام. وينبه الى ان الرشوة دائماً ما يسبقها اتفاق مسبق بان يقوم الصحفي بكذا وكذا مقابل مبلغ متفق عليه أو لتمرير أجندة بعيداً عن العرف المهني المعروف للجميع.
لمدير قناة تلفزيون دبي بالخرطوم الزميل سامي الشناوي رؤية في ما يلي التساؤل نفسه. فقال لـ (ألوان) أمس: أي عمل يتفق عليه قبل العمل الصحفي نفسه وبناءا علي رغبات صاحب العمل وليس علي رغبة الصحفي، بتمليته بما يتعارض علي قناعات الصحفي، أو عمل تدور حوله شبهات مهنية، هنا يكمن الخطاء وفيه يدخل الصحفي في دائرة الرشوة، وما دون ذلك يدخل في باب التعارف المعروف عالميا سواء كانت مأموريات خارجية مع جهة ما، حيث تقوم بالتكفل الكامل لمتطلبات الصحفي خشيتاً التقصير في حق الصحفي الذي يعتبر ضيفاً عليها، تغطيته مالاَ لسد حاجاته سواء في الأكل والشرب وبقية المستلزمات الشخصية التي يحتاج إليها الصحفي .
وواصل الشناوي بالقول: حتى هذه الجهات التي تعطي الصحفي مال لا تشترط عليه أن يكتب كذا ويترك كذا. ويرى الشناوي أن تعريف الرشوة أو الحافز يعتبر فضفاض وبينهما أمور متشابهات، حيث يوجد بينهما فهم لدى الكثيرون بان اخذ المال من أساس غير صحيح وان الصحفي يجب أن لا يتقاضي فلساً، وهذا الحديث يمكن أن يكون صحيح إذا كانت المؤسسة الصحفية تقوم بدورها كاملاً تجاه الصحفي وإعطاءه راتباً مجزيا وتحفزه في حال المأموريات. فهذا التعامل في السودان يكاد أن يكون معدوماَ. ويتابع بالقول: نحن في القنوات الفضائية الأمر قد يختلف من الوسط الصحفي قليلاً، حيث تقوم القنوات بالتكفل الكامل لكادرها، لأنها مؤسسات عالمية تختلف عن الداخلية نسبة للفر وقات المالية بين الاثنين، فالقنوات تعامل كافة صحفيها في كافة البلدان بذات المعاملة، مواصلا: في السودان وفي ظل جشع الناشرين هم السبب في تردي المهنة سواء المالية أو السياسة التحريرية.
مبارك ود السما
صحيفة ألوان