إن كيدهن عظيم.. غيرة وحفر النساء لبعضهن في أماكن العمل
تُعتبر الغيرة شعوراً إنسانياً طبيعياً تدفع الفرد إلى مقارنة نفسه مع الآخرين، فالقليل منها يفيد الإنسان وتشّكل له دافعية نحو العمل والإنجاز الأفضل إلا أن كثيرها يفسد الحياة ويؤدي إلى أضرار بالغة كالعدوان والمكيدة والرغبة في إفشال جهود الآخرين.. والغيرة هي انفعال مركب يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب نحو الآخرين الذين تمكّنوا من تحقيق أهدافهم التي لم يستطع الشخص الغيور تحقيقها مما ينجم عنها أحيانا التشهير بالآخرين أو مضايقتهم أو تخريب أعمالهم وإنجازاتهم وقد تصاحبها مظاهر اللامبالاة أو شدة الحساسية أو الإحساس بالعجز أو فقدان الدافعية للعمل أو النظرة القائمة للحياة فهي تسبب صراعات نفسية متعددة وخطراً على التوافق الشخصي والاجتماعي.. استطلعت (اليوم التالي) بعض الشباب والشابات حول مظاهر الغيرة فيما بينهم وأسبابها وكان هذا النتاج:
مرض قاتل
تقول رندة الصادق: الشجرة المثمرة هي التي ترمى بالحجارة، وتضيف: الحسد والغيرة صفتان مذكورتان في الأديان السماوية والدليل على ذلك قصة النبي يوسف فعندما شعر إخوته بمدى حب والده له فكرّوا في الانتقام منه، فما بالك بزمن الحقد والحسد والزيف والأقنعة التي تغطي الوجوه وتُظهر وجهاً مغيّراً للحقيقة؟ ومن هذه القصة البسيطة بدأت رندة الصادق حديثها مؤكدة أن الحسد والغيرة موجودان منذ خليقة الكون وأنهما يؤذيان صاحبهما قبل أن يؤذيا الآخرين فالشجرة المثمرة هي التي تُرمى بالحجارة وتتابع: الإنسان السوي هو الذي يستفيد من الآخرين ويطوّر نفسه من دون تخطي الخطوط الحمراء وأنا ضد الغيرة فإذا رأيت شخصاً يتقدم ويترقى أسعى إلى تحقيق الأفضل في حياتي من خلال تطوير نفسي وثقافتي وعملي من دون الابتذال في غيرتي وتقليده وزرع الشر في النفوس.
النساء أكثر
في هذا الجانب تحدثت عائدة محمد _ سكرتيرة في إحدى الشركات قائلة: إن الغيرة بين النساء تحصل أكثر بكثير مما بين الرجال خاصة في مجال الإعلام تسعى كل منهن لأن تثبت نفسها على حساب الآخريات من خلال افتعال المشاكل والافتراء واستعمال أساليب لا تعكس إلا صورة سوداء ومشوشة عن الأخرى، وأضافت عن نفسها أنها واجهت حادثة وهي أن: زميلة لي حاولت أن تعرقل عملي الإضافي الذي حصلت عليه ونجحت مما أثار غضبي لفعلتها المؤذية، الا أنني لم أرد بالمثل لأنني أؤمن بأن الله موجود.. وذهبت في نفس الاتجاه مريم الهادي _ مقدمة برامج _ حيث ترى أن مشاكل الغيرة تبرز في المجال الإعلامي أكثر من غيره من الوظائف لأنها تحت الأضواء، لكن الغيرة في حقيقة الأمر موجودة في كل مكان وتعيق من يصنع لنفسه خطة ثابتة وواضحة يتقدم في عمله لكن هناك العديد من الذين يريدون التقدم بسرعة وعلى حساب الغير ولقد واجهت الكثير من الغيرة ومشاكلها وأضافت: الغيرة تُولد نتيجة عدم ثقة الأفراد بأنفسهم وقدراتهم.
غيرة الشباب.. غير
يرى علي محمد أن الغيرة بين الرجال تختلف كلياً عن الغيرة بين البنات لبعضهن بعضاً فغيرتهن تكون مظهرية إلى حد كبير متعلقة بالشكل الخارجي من ارتداء الملابس والمجوهرات، أما غيرة الرجال فإنها تكثر في مجال العمل والدراسة وأي شيء متعلق بالطموح والوصول إلى أعلى المراتب سواء كانت في الوظيفة أو في التحصيل الدراسي وأضاف علي: تظهر الغيرة عند الرجال في الكلام من وراء الظهر للشخص الناجح بكلام يُقلل من شأنه ويحقر منه ويرجع ذلك إلى أساس التربية التي تخلق روح المنافسة بين الشباب إن كانت شريفة ومحفزة أو أن تكون مؤذية، ومن جانبه يؤكد صلاح الدين علي على وجود الغيرة بين الرجال وهي نوعان غيرة حفّازة وغيرة مُضرة أما الحفّازة فتظهر في العمل إذا كان لشخص ما منصب أعلى مني أو لنا نفس المنصب الوظيفي ولكن مرتبه العالي يعلو على مرتبي فتتولد الغيرة نحوه فتجدني أشد من أزري وأجتهد بشكل أكبر لأصل لمرتبته أو لأعلى فمن منا لا يحب أن يكون دائما بالمقدمة؟
رأي علم النفس
أكد اختصاصي علم النفس الدكتور معاذ حسن أن الغيرة هي ذلك الاضطراب النفسي الناتج عن خلل في التربية لا سيما في المراحل الأولى من عمر الإنسان موضحاً أن سلبياتها لا تقتصر على جانب واحد من حياة الإنسان بل على جوانبها كافة خصوصاً على حياته العملية عبر ما توّلده من إحباط وألم من نجاح الآخرين ويؤدي في النهاية إلى الفشل.. وأبلغ اختصاصي علم النفس معاذ بأن الغيرة عموماً صفة نفسية وسلوكية يكسبها الإنسان من طريقة التربية الخاطئة في البيت ومن ثم في المدرسة، مشيراً إلى أن هذه الصفة تنعكس على صاحبها في مجالات الحياة العاطفية والعملية والاجتماعية.. وأشار إلى أن الغيرة اضطراب نفسي ومرض لا يمكن أن تعتبر محفزاً تشجع صاحبها على العمل من أجل النجاح إذ أنها تكون مصحوبة إما بالغضب أو بالضغط أو بالحزن وغيرها من المشاعر السلبية في وقت واحد الأمر الذي يؤدي إلى الكثير من الإحباط. وأوضح معاذ أن الغيرة بين الزملاء في العمل لا تكون إيجابية على الإطلاق فكلها سلبية وتدفع صاحبها إلى الرغبة في تقديم الإستقالة أو الضيق والعمل مُرغماً.
وأشار علم النفس إلى أن الشعور الإيجابي الذي يمكن أن يوّلد حافزاً بين الزملاء في العمل لا يُسمى غيرة ولم يستبعد أن يكون النقد في بعض الأحيان غير نابع من غيرة وحسد بل من رغبة في التقييم منوهاً إلى أن مثل هذا الأمر يحدث عادة بين الزملاء الذين لا يعملون في القسم نفسه ضمن الشركة.
ظاهرة خطيرة تُهدد أماكن العمل
إلى ذلك أشارت الدكتورة منى أحمد استشارية ومعالجة في الطب البديل إلى أن الغيرة كانت محصورة بين امرأة وأخرى ورجل وآخر، الا أن المعادلة انقلبت بعد أن اُعطيت المرأة حقوقها السياسية وتمكنت من تثبيت خطواتها في مختلف أنواع الوظائف مما خلق غيرة لدى الرجل لمنافستها له، لكن المرأة لا تُغار من الرجل لأنها لا تعامل معاملته نفسها اجتماعياً وسياسياً خاصة وأننا في مجتمع ذكوري والمرأة على علم ويقين بذلك، وأضافت منى: من ناحية أخرى الغيرة كلمة تحمل في طياتها معاني عدم الثقة بالنفس أو بالقدرات وبأن الذين يعانونها فاقدين ثقتهم بكفاءتهم وهذه ظاهرة خطيرة تُهدد أماكن العمل خاصة إذا انتشرت بين الموظفين والموظفات ولم يتمكن المسؤولون عن العمل من السيطرة عليها.
اليوم التالي