حن.. علينا
* أقدر انشغالك.. ولكني لم أستطع التغاضي عن إهمالك! ولن تقنعني كل المبررات والحجج التي ستسوقها لي معتذراً عن غيابك الأخير.. فالطفلة بأعماقي تبكيك.. وتصرخ مطالبةً بك يا (عيد) أيامي.. ولكنها حانقة عليك لأن براءتها وصدقها لا يستحقان هذا الهجر… وإحساسها يتمرد على المنطق ليؤكد أن قسوتك الموجعة لا محل لها من الإعراب في دنيا العشاق.. وأن بخلك بتلك الدقائق العزيزة للسؤال عني لا عذر له عندي.
فبالله عليك.. من الذي أخذك بعيداً عني؟ وأين وجدت شوقاً أشد استعاراً من ذلك الذي بأعماقي؟ وأي حب هذا الذي يستحق أن تبيعني له للإهمال؟ وهل تغنيك كل مشاغل الدنيا ونجاحاتها عن كلمة صادقة تخرج من قلبي عبر شفتيَّ تدعو لك بطول العمر والمجد؟!
* لا تكن – يا سيدي – مكابراً.. فالذي بيني وبينك لا يشبه غيره.. ولا يتوافر على أيامنا هذه في دروب الحياة اللاهية الوعرة.. فلا تعتقد أنك ستجد مثله أو تلتقي من جديد (امرأة) عداي في ذات الظروف المختلفة لتغمرك بذات التقدير والإخلاص.. فالشاهد أنني لا أتكرر… والحقيقة أنه لا يميزني كثير جمالٍ أو دلال.. ولا جاه ولا سلطان.. ولكني أتحدى كل النساء السابقات و(اللاحقات) اللائي قد يصبرن أيامك في أن تكون إحداهن بذات الولع والانبهار.. تنظر إليك بتمام الرضا.. وتتغاضى عن هفواتك الصغيرة فقط لأنها رأت فيك يوماً كل الذي حلمت به.
* إن الوعود البراقة التي يبذلها الرجال للنساء… والأقنعة البريئة التي تظهرها النساء للرجال لا تناسبنا.. فأنا وأنت كائنان مختلفان.. خرجنا إلى الحب من أرحام مختلفة.. لم تكن ولادتنا عسيرة.. ولكنّ بقاءنا مشروط وحياتنا مهددة دائماً بالفراق.. غير أني كنت أتمنى أن نقاتل لأجل الخلود.. أن تعينني بحبك على تجاوز العقبات وتخطي المستحيل.. أن تغسل أحزاني بفيض حنانك.. وتعيد لي بعض الأمان والسكينة في حماك.. وتجدد ثقتي في نفسي وفي الآخرين، لأنك فقط اخترت من كل الدنيا أن تكون روحك لي.. وأن يربطني بك هذا الصدق المقدَّس.
* لا عليك يا سيدي.. فالشوق يربكنا أحياناً فنتخبط بين الكلمات.. والفكرة الموغلة في العشق تخرج على استحياء قد يفقدها معناها، فتستعصي على الفهم أو تصاب بالخلل في التعبير.. فقد وددت أن أعاتبك على الغياب.. أن أهمس لك (مشتاقييين) فتحسها بقلبك قبل أن تسمعها أذناك.. على ألا تجيبني (بالأكثر) فهذا الرد التقليدي البارد لا يناسب أشواقي.. وقد يشوه روعة إحساسي بك لأنني سأتأكد حينها أنني لم أتجاوز كوني امرأة تقليدية في حياتك تشبه الأخريات.. وأنا مهووسة بأن أكون مختلفة.. فربما كان كل ما يميزني في في خضم أيامك المتحركة من جميع الاتجاهات أنني دخلتك من باب مختلف.. فهل أغلقته خلفي؟! وهل لا زال منتجعك السري الذي تركن إليه كلما لاحقتك الهموم والمشاغل؟ هل لا أزال صديقتك الأثيرة؟ أم أن السأم قد تسلل إلى تلك الضحكة العميقة فلم أعد أغريك بالضحك المتواصل في حضرتي؟
* لا أنتظر الإجابات.. فقد كنت دائماً في حياتي رجل التساؤلات.. وكنت أحرضك على الإجابات التي أريدها بطريقتي.. فقد كنت أكتفي دائماً بالوهم الذي أستوحيه منها.. وحين ألتقيك مجدداً.. سأسألك عمداً: (اشتقت لي.. صاح؟) وتاني أقودك في طريق واحد للإجابة التي أنتظرها فلا تجد لديك خياراً سوى أن تردد كالمعتاد: (صاااااح)، وسأفرح يومها وأصفق.. وكأنني أحرزت انتصاراً عظيماً، فالطفلة بأعماقي – رغم اتساع إدراكها – تستمتع بدور البراءة والسذاجة لأنه يحقق لها مكاسب أكبر.. وأنا لا أبتغي مكسباً سوى تلك الخصوصية التي تسبغها عليَّ.. غير أن رغبة أكيدة في التمرد على إهمالك تراودني.. وأخشى عليك من ثورة الشك بأعماقي.. فقد تطيح بك في لحظة انفجار غير متعمد.. ليس لأن (القلب) يريد تغيير (الحبيب) ولكن لأن (الشعب) يرى (بعض الاهتمام).
* تلويح:
يا ناسينا !!