حمدي والقفة والصحافة
لن أوغل كثيراً في الكلمة الأخيرة من العنوان، لذا سأكتفي بالإشارة إليها على عجل لأنجز ما قبلها.
وما قبلها (حمدي والقفة)، هو عنوان الزاوية (الأصيل)، أما الصحافة فهي كلمة عرضية هنا في هذه (الكتابة)، وهناك بالنسبة لعبد الرحيم حمدي وزير المالية الأسبق، وعراب النظام الاقتصادي الإنقاذوي الذي يسوم المواطن عذاباته الآن وهنا.
وكما أشدنا أمس بمؤشرات تحول أنصار السنة إلى جماعة ليبرالية تؤمن بالحرية والديمقراطية الغناء والرقص كفعلين إنسانيين لا غنى عنهما حاربتهما أم لم، ها نحن الآن، نثمن ونسمّن أيضا ما ذهب إليه العرّاب الأكبر للاقتصاد الإنقاذوي بأن عاد من جحيم النظام الرأسمالي المختبئ في مقولات دينية إلى جنة الاشتراكية (الاجتماعية)، فمتى حدث للرجل كل ذلك؟
حدث أمس، خلال الحوار الذي أجرته معه يومية الرأي العام، وخصصت جله لأسئلة متصلة بالصحافة، قال فيها الرجل الذي لا يملك (من وجهة نظري) أية خبرة في هذا المجال الحيوي، غير سنين قليلة أنفقها في تحرير (الراية) وقبلها عمل ضمن طاقم نشرة حزبية اسمها الميثاق كان يصدرها ولفترة وجيزة، حزب سياسي صغير (جبهة الميثاق) انتهى لاحقاً إلى جبهة سميت بـ(الإسلامية القومية)، ثم آل إلى ثورة الانقاذ الوطني التي انشقت إلى (المؤتمر الوطني والشعبي، حزب العدالة، العدل والمساواة، الإصلاح الآن، ومنبر السلام)، لذلك فإن حديثه عن الصحافة وصناعتها بوصفة خبيرا إعلاميا فيه افتئات على الحقيقة.
أما حديثه عن (قفة الملاح) فمعقول، ويمكن الأخذ فيه والرد عليه، كونه خبيرا اقتصاديا لا شك في ذلك ولا افتئات، لكن الرجل الذي أزهقت في عهده (روح) الإنتاج وشجعت الأنشطة الطفيلية و(بيعت) مؤسسات القطاع العام بأبخس الأثمان ودمرت المشروعات الحيوية، الأمر الذي كلف الوطن والمواطن هذا الرهق المشقة العنت الذي نشهده الآن، عاد كعودة أنصار السنة، ليقول: إن الحل السحري لمشكلة قفة الملاح يمكن في العودة إلى نظام الجمعيات الإنتاجية – لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – العودة إلى الاشتراكية مرة واحدة، بعد كل هذه العقود الطويلة من اللت والعجن والتجريب والتخريب، فيا لها من عبقرية فذة!.
والجمعيات الإنتاجية هي جمعيات تعاونية بالأساس، وهي آلية إنتاجية وتشغيلية وتسويقية واجتماعية أنتجتها المنظومة الاشتراكية، لذا فإن العودة إليها تتطلب ردة مماثلة عن النظام الاقتصادي (المبهم) الذي بشر به حمدى ودعا إليه واعتبره مخلصاً للناس من الجوع والجهل والمرض، فإذا به يسهم في انتشار هذا الثلاثي المريع، ثم يأتي وكأن شيئاً لم يكن، وببساطة شديدة ليقول لنا إن حل مشكلة (قفة الملاح) يكمن في العودة إلى الجمعيات الإنتاجية، أي العودة إلى النظام الاشتراكي.
ونحن إزاء هذه الردة الحمدية (الحميدة) لا نملك إلا أن نقول للرجل (مرحباً بك) لكنك تأخرت كثيراً.