رياء أم عبادة؟ صلاة التهجد.. في العشر الأواخر في رمضان
غريبة بعض الكلمات العربية، إذ تبدو وكأنها متناقضة المعنى، ومنها تهجد فإذا قلت هجد الرجل، فهذا يعني نام بالليل، لكنك إذ قلت هجد الساهر، فمعناها سهر بالليل، وهكذا يبدو المعنى الثاني ذي الصلة بـ (السهر) الأقرب إلى معنى صلاة التهجد، التي تبتدر في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وتهجد في هذا السياق ليس لها غير معنى واحد، هو: صلى أثناء الليل.
فرصة ثمينة
وها هي العشر الأواخر من رمضان تحل علينا، ولعل أهم ما يميزها عن ثلثي الشهر المنصرمين (صلاة التهجد)، وها هي شمس رمضان اصفرت وآذنت بالمغيب، فلم يبق إلا آخره، فتسارع الناس لاغتنامه بالعبادات وبذل الصدقات وصالح الأعمال مكللةً بخالص الدعاء وبعض الأعمال الخيرية التي تتجلى فيها الروح السودانية الطيبة، لكن تبرز من خلالها بعض المظاهر الإيجابية أو السلبية التي ترصدنا بعضاً منها.
مساجد بعينها
قد يتعود البعض على الصلاة في مساجد بعينها حتى ولو كانت بعيدة عن مساكنهم ربما لوجود بعض المعارف أو للقاء الأصدقاء والأقارب أو نسبةً للاتجاه الديني والعقدي، وقد يكون الحزبي، وفي ذلك تحدث لنا الشاب (عمر بانقا) قائلا: أنا أسكن بـ (حي ودنوباوي)، ورغم أن معظم الأنصار يأتون للصلاة هنا أو في (مسجد الفاتح قريب الله) إلا أنني آتي بسيارتي إلى مسجد (السادة الأدارسة) بالموردة وحتى إخوتي وأبناء عمومتي، فجدنا (رحمه الله) كان إدريسياً. وأيضاً تحدثت إلينا (الروضة حسن) فقالت: أنا وأسرتي نذهب إلى (مسجد سيدة سنهوري)، ورغم سكني بـ (حي الصافية) بحري. أما الخالة (ع . أ) فهي تسكن (حي العباسية) أمدرمان وتصلي بـ (مسجد الذاكرين)، لأنها أقرب لسكنها مما يجعلها تحمل معها بعض الأطعمة والمشروبات للمصلين، إضافة إلى أنه اجتماع لنسوة الحي، وذكرت لنا الخالة (أ) بأنها تعودت أن تذهب برفقة أحفادها حتى يتعودوا على فضل قيام الليل منذ الصغر.
التهجد رياء أم عبادة
رغم أن صلاة الليل تعد من العبادات الشافة، إلا أنها في بعض الأحيان قد تأخذ جانباً آخر يبدو فيه جانب الرياء والتفاخر رغم أنها زيادة في فعل الطاعات. وفي هذا الأمر قد تحدث إلينا: الحاج (عبد الله محمد خير)، فقال يجب على المسلمين التوسط في العبادة والبعد عن التقليعات والموضة، فيجب أن تكون هذه الصلاة سرية وألا نجاهر بها. بينما أكد (أشرف) أنه لا يستطيع الوقوف طويلاً في صالة التهجد وعند تجربته الأولى اضطر إلى التغيب عن العمل، لذلك لا يمكن أن يكون مقابل ذلك السهر والمجهود البدني والأجر العظيم هو ضياع تلك الحسنات بفعل الثرثرة والتفاخر.. لذلك أحاول قدر الإمكان الصمت والبعد عن التفاصيل.
سائق الأمجاد
وقد ورد بموقع (سوداناس) قصة الشاب (سائق الأمجاد) الذي أبدى تفرداً عالياً في ظل الحاجة الماسة للمواصلات في موقف مواصلات الخرطوم بحري ليحمل مجموعة من الركاب إلى (منطقة الكدرو)، وعندما سألوه عن الأجرة، فاجأهم بأنه لا يريد إلا الدعاء له في صلاة القيام خلال العشر الأواخر من رمضان ، مما جعل الركاب جميعاً يبتهلون له بالدعاء بأن يوفقه الله تعالى.
اليوم التالي
لا علاقة لصلاة التهجد بالرياء—
وكونها جهرا–تعمل علي تشجيع الكسالي علي إغتنام هذه الفرصة الثمينة من أجل الأجر العظيم—
خاصة وأن هذا الزمان اللهث وراء الدنيا أصبح أفضل من البحث لسبل النجاة من عذاب الآخرة——–
والله اعلم