الكتاب
في تعليقه على خبر متداول فحواه أن الجمارك السودانية زادت رسوم استيراد الكتب بنسبة 150% قال الكاتب والروائي السوداني حمور زيادة: “السودان أصلاً ثقب أسود للناشرين بسبب غلاء الجمارك وتكاليف الشحن وضعف القوة الشرائية وعدم وجود قوانين فاعلة تحمي الحقوق.. سياسة التجهيل مستمرة”. وبهذه الكلمات القليلة لخص حمور أزمة الكتاب والمكتبات والنشر والتوزيع في السودان، فإذا أضفنا إلى كل ما قاله صحة هذه النسبة الجمركية الجديدة فالأمر )كارثة( بحق مثلما قال حمور نفسه في بداية تعليقه على هذا الخبر في حسابه بموقع فيس بوك.
فالمسألة تبدو وكأنها سياسة مقصودة لذاتها ولا علاقة لها بأي شيء آخر سوى محاربة الكتاب والقراءة وتقليص عدد المكتبات القليلة أصلا وإغلاق دور النشر الموجودة داخل السودان وهي تعد على أصابع اليد، ومنع الدور الخارجية من تجريب السوق بهذه السياسة – التطفيش.
قد لا يكون هناك علاقة واضحة ما بين تجربة مفروش الناجحة التي توقفت الآن وهذا القرار الخطير، لكن ارتباط الأمرين بالكتاب وسحبه من التداول سواء بقرار إيقاف نشاط مفروش الذي وفر على الكثيرين مهمة البحث الشاقة عن الكتب في ظل غلاء الأسعار وخروج الكثير من المكتبات من هذا المجال وإغلاقها، وفي الجانب الآخر – قرار الرسوم الجمركية يبدو وكأنه إكمال للحلقة، في البداية منع تداول الكتاب المستعمل – مفروش، والمرحلة التي تلي ذلك تجفيف السوق )المكتبات( من الإصدارات الجديدة، بحيث يحدث الأمران في النهاية جفافا تاما في المكتبة السودانية عدا بعض المنشورات شبه الدينية التي توجد بكثافة وبأسعار رخيصة جدا، وربما هي المستفيد الأوحد من القرارين!
الشباب السوداني مواجه الآن بحملات تجهيل وإظلام من كل الاتجاهات، سواء تلك المبثوثة في الفضائيات والانترنت بغير ضابط توجيهي – معرفي، أو تلك التي تأخذ شكل الدعوات الجهادية والادعاءات الطهرانية، ولا عاصم من كل هذا إلا توفر الكتاب الثقافي في كل ضروب المعرفة فبه وحده يمكننا مكافحة دعوات التجهيل ومحاولات التسلسل الظلامية التي باتت واقعا معاشا في ظل غياب الأداة التوعوية الأولى – القراءة.
نضوب معرفي، وغياب تنويري، هذا هو النتاج الحتمي لمثل هذه السياسات التجهيلية المتعمدة. وبهذه الطرق الاستحمارية فليستعد الجميع للأسوأ في السنوات المقبلة.
الساحة الآن معدة للجهل والجهلاء.. فأفسحوا المكان.