حوارات ولقاءات

رفح.. التفاصيل المثيرة لسوداني علق في المعبر

بين عشية وضحاها عاشت عائلة المهندس السوداني إيهاب سعيد أحمد أبو عبيد الخوف والرجاء بل والفرح والأمل في الله ثم في مساعدة السفارة السودانية لابنهم للخروج من غزة، المهندس إيهاب الذي كان ممنوعا منعا قسريا عن الخروج من غزة بعد أن ذهب إليها ليلقى على والدة نظرة الوداع الأخيرة بعد وفاته.. ترجع القضية إلى بداية العام- ومن يومها- في مطلع العام حتى الآن وليس لديه إلا مشوار يومي بين المعبر وجدران بيوت أهل أبيه، الذي يقطن لديهم طوال كل تلك الفترة ليعاني معهم آلام الحصار الخانق فانعدام الغذاء والمأوى والخدمات الصحية، ويزيد عليهم إحساس الضياع وذهاب كل مجهود العمر سدى، فالمهندس السوداني يخشى أن تذهب وظيفته، وتنتهي إقامته، ويضيع كل ما أنجز في حياته من أجل قيد قد رسم وتشكل من الحصار الظالم.
إيهاب… المهندس الفذ الذي استعانت به إحدى الشركات الكويتية للرقي بالبنية التحتية والإنشائية بل والصناعية لديها، تلقى اتصالا وهو يقضي إجازته في السودان إن والده قد مات وهو ما أثر في نفسيته بشدة وأراد أن يلقي على والده نظرة الوداع فذهب مسرعا إلى قطاع غزة كي يكحل عينيه برؤية أبيه لآخر مرة ووسط الصرخات والآلام أتم مراسم الدفن ليفاجئ.. لن تخرج من القطاع.. المعبر مغلق بأوامر مصرية فهاج وماج وصرخ مستقبلي سيضيع إقامتي الكويتية ستنتهي ولن أستطيع تجديدها لكن لا مجيب اللهم ألا من بعض التصبيرات وشحذ الهمة على الصبر وفجأة نادى مناد يا إيهاب يا إيهاب أدرك مستقبلك سيفتح المعبر غدا، وعلى الفور حزم امتعته لينهي أيام وليالٍ من الإحساس بالضياع ومع الفجر وطأت قدماه المكان لكن البشر عند المعبر يعانون ويصرخون ومع أول فرجة لباب المعبر اشتدت الحالات الإنسانية بمنظر ينوء عن حملة الجبال والطلب من الجميع هذه الحالة الإنسانية أولا وبعدها تلك الحالة وبعدها تلك الحالة وذاك الجريح تاليا وأبت رجولته إلا أن ينتظر ظانا أن السلطات المصرية ستتيح الفرصة للجميع، وفجأة ودون سابق إنذار تظهر إحدى الرتب في الجيش المصري لينادي في الجميع.. كفى.. إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم أنين للغزاوية إلى يوم يخرجون ويضيع الأمل غثاء وسدى وما كان منه إلا أن شد مأزر الصبر لينتظر فتح المعبر مرة أخرى ويوما تلو يوم يضيع مستقبله إلى أن جاء إليه من سأله عن نفسه وعن وطنه وحقوقه على بلده ألا تستنصرهم ألا تكلمهم فلمع في عينيه بريق الفكرة وعلى الفور تواصل مع كل معارفه وأهله ليجدوا له منفذا وطريقة للخروج من بئر الحصار بغزة.
وتواصل هو شخصيا مع جريدتنا الغراء “التيار” وكعادتنا حملنا لواء الدفاع عن مواطنينا الأعزاء وصعدنا على قدر ما استطعنا وسعينا والحمد لله جاء سعينا مشكورا ومن خلالنا علم المسؤولين بفجاجة الوضع بدأت الجهود الدبلوماسية فقام السفير السوداني في القاهرة بالتواصل مع المهندس إيهاب ليعلم منه تفاصيل القضية، ويوما بعد يوم نسق المهندس إيهاب والجريدة والسفير عبد المحمود عبد الحليم.
وجاءت يوميات الحراك السياسي
مع صبيحة يوم 24 أبريل تواصل إيهاب مع الجريدة وبدأت إجراءاتنا لحل الأزمة.
وفي يوم 1 مايو استطعنا توصيل القضية إلى المسؤولين في وزارة الخارجية وبدأ التنسيق ولم يتم إخطارنا بالجهود المبذولة.
وفي يوم 17 مايو قمنا بنشر القضية ظنا منا أن القضية قد نسيت لنعرضها على الرأي العام.
وفي يوم 18 مايو تواصلت معنا الخارجية بمجهوداتها في محاولة إخراج المهندس إيهاب عبر الأردن لصعوبة الإجراءات عبر معبر رفح.
يوم 20 مايو تواصل السفير عبد المحمود معنا أن مسألة فتح المعبر قاب قوسين أو أدنى.
يوم 26 مايو فتح المعبر “رفح” في اتجاه واحد “الدخول فقط”.
يوم 1 يونيو السفير ينسق لإخراج المهندس إيهاب ولو استثنائيا.
يوم 9 يونيو الأمن المصري يخطر السفير بقرب فتح المعبر.
يوم 17 فتح المعبر للجانبين، وعبور المهندس إيهاب للخروج من غزة.
يوم 18 المهندس إيهاب في القاهرة وانتهاء الأزمة.
وفى حوار مصغر أجريناه مع المهندس إيهاب بعد خروجه بأيام في القاهرة..
صف لنا شعورك بعد مغادرة غزة؟.
طبعا- غزة هي أرض عربية إسلامية، وعزيزة علينا جميعا، لكن كنت حاسس أنني مسجون هناك بس أنا طبعا فرحان أنني قدرت أرجع إلى بلدي السودان وقلبي يتمزق كلما استشعرت حال إخواننا الفلسطينيين في غزة، وأنا أشكر كل من ساعدني كي أمر من محنتي، وكما يقال خلف كل محنة منحة، وقد علمت أن لي ظهرا يدافع عني اسمه السودان.
صف لنا أجواء المعبر..
هو أمر يندى له جبين الإنسانية جمعاء، تخيل نفسك مريض قد تلفظ أنفاسك الأخيرة أمام أبنائك وأهلك، وتنتظر مجرد بوابة كي تعبر منها إلى العلاج، أو العمل، أو الأهل، لقد قمت بدفن أبي هناك وهو أعز عندي من أي شيء آخر، لكنني دفعت ثمن ذلك غاليا بشعور السجن الكبير.
ليتك تعود بنا إلى أجواء المعبر..
أعلم أنك تريدني أن أعبر عن فرحتي بالذي حدث لكن نفسيتي في وقت علمي أنني سأغادر كانت مقطعة بين الآسى والحزن والفرحة على زوال ما كنت فيه من كرب.. ربنا ما يكتبها على حد.
كيف غادرت المعبر؟.
لقد فوجئت بأحد الأشخاص.. من الأمن المصري.. ينادي اسمي فذهبت إليه فأخذني إلى الجهة الأخرى من المعبر بعد أن أتم لي كافة إجراءات المغادرة، وذهبنا معا إلى الجهة الأخرى، وتم وضعنا في منطقة مفتوحة مع أعداد أخرى ممن غادروا أغلبهم نساء وأطفال وعجائز أقعدهم المرض، ويذهبون إلى القاهرة بغرض العلاج.
انطلقت بعدها إلى القاهرة؟.
لا لم يحدث مطلقاً.
لماذا؟.
لقد فوجئت بهم يقولون لي: إن وقت حظر التجول الذي تفرضه الحكومة المصرية في سيناء بالتوازي مع عملياتها العسكرية ضد الأهالي قد بدأ، ولا يمكن أن نتحرك، فوجب علينا المبيت، ولم أدرك تبعات المبيت إلا عندما عشتها.
لماذا كل هذا الأسى والشجن في حديثك؟.
لك أن تتخيل أنني منذ عدة أيام قابع في صالات المعبر الفلسطيني شاخص بصري بكل اسم يقوموا بالنداء عليه وبعد أن تتم لي الإجراءات من قبل الأمن أعود لأجلس في مكان مفتوح لا يحوي إلا الأرض والسماء لأنام على التراب، وانتظر شروق شمس اليوم الجديد؛ حتى استطيع العودة، والأمر لم يقتصر على ذلك فلا ماء ولا طعام، وإذا أردت عليك الشراء من المكان التابع إلى الجيش المصري، وسعر الطعام أو الشراب عشرة أضعاف السعر الطبيعي.
كيف كان طريق العودة إلى القاهرة؟.
لقد عانينا من الطريق- بشدة- الطريق زي الزفت والأمن قام بتغيير المسارات فجعلوه مرورا بالطريق الزراعي وهناك ما يقارب الـ 500 كمين، أضف إلى ذلك إغلاق جسر السلام، وهذا أدى إلى زحام شديد في المعدية والطريق بدل أن يستغرق 5 ساعات أصبح 8.
لكنك في النهاية وصلت إلى القاهرة في سلام؟.
طبعا- الحمد لله- وصلت وأول مكان ذهبت إليه كان السفارة السودانية، وعندما وصلت السفير والقنصل وأعضاء السفارة جميعا استقبلوني بحفاوة وكرم، وأنا أطالبكم بإبراز دور هذا الرجل الجندي المجهول في الدبلوماسية السودانية، أشكره جزيلا وأشكر كل أعضاء السفارة.
ماذا فعلت بعدها؟.
ذهبت إلى بيت بعض معارفي وأهالينا في القاهرة.
ما هي خططك؟.
إن شاء الله سوف أقضي هنا عدة أيام أغير جو كي أنسى العذاب الذي رأيته ورمضان في مصر جميل جدا، وسوف أغادر إلى الكويت كي أقوم بتجديد إقامتي بدلا من أن تضيع، وسأعود إلى السودان لاحقا فلقد اشتقت أيما اشتياق إلى بلادي.
حدثني عن معاناة الأسرة في الأيام الأخيرة..
كفى أن أقول لك إن أخي قد جاء من السودان، وهو الذي يرعى العائلة، وتركهم منذ عدة شهور وهو بين رفح والقاهرة، فأخي أحمد “أبو سعيد” ترك تجارته، وانشغل منذ أول الأزمة بمتابعتي- والحمد لله- كان مع سيادة السفير عبد المحمود في استقبالي في السفارة.
هل جاء إليك أبو سعيد في المعبر؟.
لا لم يأتِ فلقد انتظرني في القاهرة فحظر التجول يمنع أي أحد من الحركة في سيناء، ومن كثرة ترددي على المعبر والوعود التي أخذتها خفت أن يأتي- كالعادة- ولا أستطيع العبور.

التيار

‫5 تعليقات

  1. هل هو فلسطيني ام سوداني و هل سوداني بوالدته يا أصحاب التيار تلقون الخبر كأننا نعرف هذا المهندس من المفترض تعريف القارئ بالشخص الذي تتحدثون عنه و قبل سرد هذه البطولة

  2. فعلا الخبر ناقص
    لكن السفير عبد المحمود شخصية معروفة بخدمة السودانيين فى بلاد المهجر له التحية

  3. ***بلد منتهيه ما فيها شئ صحيح ، وده علاقته شنو بغزة

  4. غزة .. السودان .. الكويت .. مصر … ده مهندس ولا جامعة دول عربية ؟؟