محمد لطيف : الحزب الحاكم.. بين الحكومة والشعب
في لقاء لم تنقصه الصراحة أمسية السبت جلس الصحافيون إلى المهندس إبراهيم محمود مساعد الرئيس نائب الرئيس لشؤون الحزب.. ولعل الأخيرة هذه كانت هي جوهر اللقاء.. كما هي موضوعنا الآن.. وهو موضوع الحزب.. وضعه وأدائه ومستقبله.. وكما قدمه السيد ياسر يوسف أمين الإعلام بالحزب في لقاء مطلع الأسبوع باعتباره لقاءً لتلمس المواقف وتقليب الرؤى وتبادل وجهات النظر.. كان المهندس إبراهيم محمود واضحا وهو يعرض لأولويات الحزب من وقف الحرب وتكريس الاستقرار والسلام باعتباره مدخلا أساسيا للتنمية.. فالاقتصاد هو محل الاهتمام الثاني.. وغني عن القول إن للاقتصاد ساقين: توفير مطلوبات المواطن.. وهي ما تعرف في أدبيات الحزب بمعاش الناس.. ثم حسن استثمار موارد الدولة وتطويرها.. أي التنمية!
كان إسهامي المبكر في تلك الجلسة ضرورة أن يفرز تغيير الأشخاص تغييرا في السياسات.. وأن الحزب في حاجة لجرأة استثنائية.. لطرح مبادرات استثنائية.. وفي مختلف المجالات.. السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والفنية.. إلخ.. فالحزب إن اكتفى بتغيير الشخوص فهو لم يفعل شيئا.. وماذا يجني المواطن من بقاء زيد وذهاب عبيد.. إن لم يلمس تغييرا حقيقيا في السياسات.. وإن لم ير مخرجات جديدة جراء تلك السياسات؟.. فحينها يصبح الأمر مجرد تحصيل حاصل.. ولعل المؤتمر الوطني وهو يتلمس طريقه في مرحلة ما بعد الانتخابات.. وقد مضت ولم تكن كلها سعيدة على الحزب.. هو في حاجة لمراجعة الكثير.. ولعل ما ينبغي أن يكون على رأس اهتمامات القيادة الجديدة للحزب هو ما أشار إليه البعض في جلسة أمس الأول من ضرورة بناء الثقة بين الحزب والمواطن.. ولعله من رأي كثير من المراقبين أن أقصر الطرق لبناء هذه الثقة.. هو أن ينجح الحزب في الاحتفاظ بمسافة بينه وبين الحكومة.. ولا نعني هنا ما يثار عن التداخل بين الحزب والدولة في التمويل.. فهذه قضية أخرى.. بل هي قضية ثانوية مقارنة مع ما نحن بصدده الآن.. فما نعنيه هنا.. هو أن يتحول الحزب إلى رقيب على أداء الحكومة.. وإلى ضابط لإيقاعها.. وأن يأخذ الحزب بقاعدة “انصر أخاك ظالما أو مظلوما” بفهمها الصحيح.. لا بفهمها الملتبس.. أي أن يكون الحزب داعما للحكومة إن أحسنت.. وأن يكون قادرا على نقدها.. وتوجيهها.. وتصويبها.. إن هي أخطأت.. أو حادت عن الطريق..
الفهم البسيط لهذه الفلسفة أن يتخذ الحزب موقعه في منتصف المسافة بين الحكومة والمواطن.. لا يميل لهذا كل الميل.. ولا يبسط لتلك كل البسط.. وليس أعلى تقديرا لدى المواطن من أن يرى من يقول للمخطئ أخطأت.. بكل شفافية وعلانية.. لا بفقه السترة.. ثم أن يكون الحزب قادرا على محاسبة المخطئ.. بل وعلى إجراء التغيير المطلوب في أي موقع يستدعي التغيير..!
يحمد للمهندس محمود أن نهجه السياسي يحمل شيئا من طبيعة مهنته.. فالهندسة علم تطبيقي واقعي لا يحتمل التنظير.. وإبراهيم محمود يبدو صاحب نهج عملي.. فهو يؤمن بضرورة رفع الإنتاج.. وإعادة صياغة المواطن بما يعزز لديه قيمة الإنتاج.. مع خلق الجو الملائم وتوفير كل مطلوبات الإنتاج.. ثم هو من المؤمنين بعدم هدر الموارد.. مع حسن توظيفها بما يحقق أفضل عائد.. إذن يمكن القول إن الحزب موعود بحراك كبير.