محمود الدنعو

منهج الأردن الشمولي

العديد من الملفات جرى تناولها خلال محادثات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في لندن، مع رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، ولكن كان الملف الأبرز هو بحث الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب والتصدي له في الشرق الأوسط وأفريقيا، عبر منهج شمولي، للتعامل مع هذا الخطر، الذي يهدد الجميع بلا استثناء.

المنهج الشمولي الذي ظلت الأردن تطرحه في كل منبر ومناسبة دولية يقوم على مقارعة الإرهاب، ليس بالسيف وحده، وهو أداة مهمة بلا شك، ولكن بالفكر والوعي اللذين من شأنهما دحر التطرف والغلو في الدين، والشمول كذلك في التعامل مع المهددات الإرهابية على امتداد المنطقة دون استثناء، فالعراق وسوريا وليبيا كانت حضوراً قوياً في مباحثات الملك الأردني مع رئيس الوزراء البريطاني. وأشارت وسائل الإعلام إلى تأكيد الطرفين مساندة الحكومة العراقية في مساعيها لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية ودحرها، وتعزيز حالة الوفاق الوطني بين مختلف مكونات الشعب العراقي، وعلى الساحة السورية جرى التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك، وبما يحفظ استقرار سوريا وينهي معاناة شعبها، وتطابقت وجهات النظر الأردنية والبريطانية بشأن الأوضاع في ليبيا حول أهمية دعم الجهود التي تبذلها مختلف الأطراف الإقليمية والدولية في سبيل تعزيز الوفاق ووحدة الصف الليبي في مواجهة مختلف التحديات. وشدد الطرفان، على ضرورة دعم أمن واستقرار مصر، ومساندة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في جهوده التي يبذلها في هذا الصدد.

إذن المنهج الشمولي الذي تتعامل به الأردن مع مسألة الإرهاب يقوم على الوسائل الضرورية لمحاربة هذه الظاهرة وضرورة تنوعها من عسكرية وسياسية وفكرية وأخرى تنموية واقتصادية، لأن البيئات الأقل تنمية هي تصبح فقيرة بالضرورة، وبالتالي هي أرض خصبة لاحتضان والإنتاج التطرف والإرهاب.

والمنهج الشمولي الذي تتبعه الأردن في حربها على الإرهاب، نابع من أفكار الملك عبد الله الثاني الذي طرح منهجه الشمولي، خلال كلمته أمام المؤتمر الخامس لقادة الأديان العالمية والتقليدية، الذي انعقد مطلع الشهر الجاري في العاصمة الكزاخية أستانة عندما قال إن هزيمة الإرهاب تحتاج إلى نهج شمولي يبدأ بمعالجة الظروف التي تستغلها الجماعات (الإرهابية) لتحقيق مآربها، مؤكدا أن المسلمين يتعرضون لهجوم وتشويه من قبل من وصفهم بـ (الخوارج).

ويبقى التحدي الراهن للمنطقة في التعرف على الظروف التي تستغلها الجماعات الإرهابية، كما أشار الملك عبد الله وإيجاد الحلول لها حتى لا تستغل من قبل الجماعات، وفي ذلك إشارة ضمنية لما أسلفنا الحديث حوله بضرورة التعامل مع الظاهرة على أنها ظاهرة سياسية وأمنية وفكرية واجتماعية وتنموية من أجل تجفيف المنابع والبيئات الحاضنة للإرهاب.