الأفندي.. اسمح لي أن أختلف معك
كتب الأخ الدكتور عبدالوهاب الأفندي، مقالا أرى أنه قد جانبه الصواب ولم تسعفه الحكمة، وخذلته الفطرة السودانية التي فطر الأفندي عليها، والمقال يفتأ يساند مزاعم المحكمة الجنائية في احتجاز السيد الرئيس البشير، ولدواعي شهر رمضان نصوم ونتجاوز عن تكرار ما ذكر في حق الرئيس، الذي احتفل بنزاهته وجرأته الأبعدون عبر مقالات ناصعة ناصفة ..
*وقبل أن نمضي بعيدا ننشط ذاكرة السادة القراء الكرام، بأن الدكتور عبدالوهاب الأفندي، الذي اتخذ من بريطانيا وطنا بديلا، تنتمي جذوره لقبيلة المناصير ذات الكسب الوطني الباهظ والشرف الباذخ، نشأ وترعرع في مدينة بربر ودرس بها مراحله الأولية، ثم لم يلبث أن تخرج في جامعة الخرطوم قبل أن يلتحق بجامعات الغرب، مرة طالبا ثم أستاذا ومحللا سياسيا تشير إليه الفضائيات.
انضم الدكتور الأفندي مبكرا إلى الحركة الإسلامية السودانية، وكان ناشطا فيها سيما إبان فترة جامعة الخرطوم على عهدها الفكري الذهبي، كان من المناسب جدا أن تضع الإنقاذ في أول عهدها الأخ الملتزم الأفندي على سدة الملحقية الثقافية بلندن حيث كان يقيم ويدرس، لم يمض طويل وقت حتى خرج الأفندي عن القنصلية وعن الإنقاذ وحركتها الإسلامية برمتها، بل ربما يكون الأفندي أول من كتب كتابا على صدر التسعينيات يفند فيه أفكار الإسلاميين وينتقد أطروحات حكمهم في مهدها.
* ثم أصبح الدكتور الأفندي بعد ذلك بطلا على حلبة الفضائيات العالمية، وكان يشرفنا كثيرا وﻻ يزال، أن أحد أبناء السودان البررة يزاحم المحللين السياسيين العالميين الكتف بالكتف والحافر بالحافر على حلبة السجال الفكري، برغم اختلافنا في كثير من الأحيان مع أطروحاته، إلا أننا ﻻ نملك إلا نصفق له في الماراثونيات الفضائية عقب كل حلقة جديدة.
* وبرغم ذلك ما كنت أتصور أن الأفندي يمكن أن يصل إلى حد هذا الطرح، أخي عبدالوهاب اسمح لي أن أختلف معك في ما ذهبت إليه في مقالك الأخير، وأنت الذي تعيش بين هوﻻء الخواجات، فهل تعتقد بعدالة محاكمهم؟!! هل دائما القتلة والمجرمون هم من الشرق الإسلامي والعالم الثالث؟!! قل لي بربك البشير أم نتنياهو؟!! والأخير صاحب ثلاث حروب فظيعة على قطاع غزة، ضحاياها من الشيوخ والأطفال والنساء الذين هدت البيوت أمام أعين العالم الحر على رؤوسهم!! غير أن واشنطن سيدة العدالة العالمية، لم توقع على ميثاق روما الذي بموجبه نهضت هذه المحكمة الاستعمارية التى طفقت تلاحق الرؤساء الأفارقة !!
أخي عبدالوهاب، وأنت المحلل السياسي الحاذق، هل سألت نفسك يوما: من الذي يمول الحركات المسلحة، ومن الذي يستضيف قادتها في الفنادق الغربية من ذوات الخمسة نجوم، وما هي مصلحة الصهيونية العالمية في دعم هؤﻻء؟، من الذي يطيل أمد عذابات أهل الإقليم، الحكومة التي حتى الآن استنفدت عشرات العواصم الحوارية، أم هؤﻻء المناضلون الذين يحطمون شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، ومن ورائهم الغرب بمنظماته وإعلامه وكتابه المحللين؟!! أخي في شهر الصيام هذا، أرجو أن ترسي حقيقة وتحرر قيمة نشهد لك بها يوم الموقف العظيم.. اللهم نسألك الثبات على المبدأ وﻻ حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.