بقاء اليوناميد.. أزمة جديدة!!
> هل هناك خَطْبٌ ما..؟ هل تعقَّدت الأمور من جديد وتتبلور مؤامرة جديدة في ما يخص دارفور..؟ وهل يرتب المسرح لتطورات جديدة قادمة..؟ كلها أسئلة تستحق التوقف عندها في قضية الاهتمام المفاجئ لمجلس الأمن الدولي بقضية دارفور ومشروع القرار البريطاني بشأن سحب هذه القوات من دارفور..
> وضعت الحكومة منذ فترة طويلة تصل إلى ما يقارب العام، إستراتيجية لخروج قوات اليوناميد من السودان، بعد سنوات قضتها هذه القوات المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وبدا أن كل الجهات، خاصة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والبعثة نفسها، على قناعة بالمبررات التي اعتمدت عليها الحكومة السودانية في إستراتيجيتها، ولم تكن هناك أية اعتراضات على الخطة الموضوعة، وبدأت الأمم المتحدة نفسها منذ أكتوبر العام الماضي، تفكر في تقليل الاعتمادات المالية للبعثة والمصروفات الإدارية، وسحبت بالفعل بعض الطائرات والعربات للاستفادة منها في ذلك الوقت لاحتواء ومحاصرة مرض إيبولا في سيراليون وبعض دول غرب أفريقيا.
> وأوفدت إدارة حفظ السلام في الأمم المتحدة فريقاً كبيراً إلى الخرطوم قبل أشهر للتباحث حول كيفية سحب اليوناميد وخروجها النهائي من السودان وفق خطة الحكومة، وجرت في الخرطوم مناقشات لم تكن الأمم المتحدة لتتخذ موقفاً مغايراً وحاداً، بل أذعنت لاستماع رأي الخرطوم واتفقت معها على الانسحاب التدريجي من بعض المواقع الآمنة، وترتيب المواقيت والأزمنة والكيفية التي يتم بها الانسحاب والخروج النهائي.
إذن.. ما الذي يحدث..؟
> الحقيقة التي يجب أن تُكشف، أن عمليات حفظ السلام في العالم كانت كلها فاشلة في أية دولة دخلتها الأمم المتحدة بقواتها أو اشتركت مع منظمات إقليمية في تكوين بعثات مشتركة، وهذه العمليات هي أكبر تجارة و(بزنس) تقوم به إدارات الأمم المتحدة المتخصصة في حفظ السلام والتي يسيطر عليها دائماً مسؤول أممي أمريكي الجنسية، وهذه العمليات تستفيد منها الدول الغربية في توظيف كبار الموظفين والضباط وقادة البعثات، وتكون المشتريات والأدوات والمعدات والجوانب التشغيلية محصورة ومحتكرة بالكامل لدى الشركات الغربية المرتبطة بمصالح حكومات وكبار مسؤولين في الأمم المتحدة، فقاعدة (بريديزي) في إيطاليا مثلاً، هي أكبر قاعدة ومخزن للدعومات اللوجستية لقوات اليوناميد، خير دليل على نوع الفساد المالي والإداري في إدارة بعثات حفظ السلام والعلاقات المُريبة للوردات الحرب والسلام والأمميين. فمصالح الشركات الغربية وتداخلاتها في القرار الأممي والدولي، تجعل من الحكومات الغربية حريصة كل الحرص على بقاء بعثات حفظ السلام وتضع العراقيل أمام خروجها من الدول التي تتواجد فيها.
> في حالة بعثة اليوناميد في دارفور، فمن الأسف أن بقاء هذه القوات دليل ضعف وفشل للدولة السودانية، فلا ينبغي بقاء هذه القوات على الإطلاق، لكن المؤسف أكثر أن الاتحاد الأفريقي وهو شريك مع الأمم المتحدة في هذه البعثة، لا يقوم موظفوه وممثلوه بإعداد التقارير التي تُرفع إلى إدارة حفظ السلام في الأمم المتحدة، وتُرفع منها لمجلس الأمن الدولي. فالموظفين من قيادات البعثة التابعين للأمم المتحدة، هم من يعد التقارير حول الأوضاع في دارفور، وينتهي التقييم النهائي عندهم وليس لدى ممثلي الاتحاد الأفريقي، وهذه معضلة كبيرة في عمل اليوناميد وهو ضعف فاعلية وحيوية الموظفين الأفارقة بالبعثة. فما أُعد في خلال الفترة الماضية من تقارير، اعتمد عليه مشروع القرار البريطاني الذي قُدِّم لمجلس الأمن حول بقاء البعثة في دارفور، وفي هذه التقارير تزييف للواقع، وتم تصوير الأوضاع في دارفور وعلى الأرض بأنها سيئة ولم تتحسن، وهو أمر مخالف للواقع الراهن.
> وعلى الحكومة أن تعي جيداً أن مشروع القرار البريطاني وجلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة، الغرض منها هو الضغط على السودان والإبقاء على هذه القوات وتمديد تفويضها لما هو أكثر من التخويل الممنوح لها الآن. فالحكومة لن تستطيع مواجهة هذه المؤامرة الجديدة وحدها، إذ لابد من تنشيط الدبلوماسية السودانية والاتصالات مع دول الاتحاد الأفريقي وتحريك مفوضية الاتحاد في هذا الاتجاه لدعم موقف السودان وإستراتيجيته الموضوعة بمواقيتها لخروج يوناميد،
> وكذلك يجب أن تتعامل الحكومة بحزم مع هذه القضية الخطيرة لأنه ما دخلت قوات حفظ سلام أممية دولة ما، وخرجت منها (بأخوي وأخوك)..