تجانى حاج موسى : قصة أغنية (كلمني يا حلو العيون)!!
سألني: صحي يا أستاذ أنت كتبت أغنية حلو العيون من وحي قصة حقيقية؟!
قلت: والقصة الحقيقية شنو؟!
قال: قالوا عندك صديق مهاجر.. اتزوج وهاجر وخلى زوجتو حامل.. وهو في الغربة ولدت ولد، ما رجع إلا بعد خمس سنين من غربتو، وصل مطار الخرطوم اتكلم مع زوجتو، عرف أنها في المستشفى في رفقة ولدها “محمد” مريض بالملاريا الخبيثة، وكان يحتضر.. لمن وصل المستشفى كان ولده فارق الحياة بدقائق.. فحضن ولده يبكي بي صوت عالي ويقول كلمني يا ولدي!! كلمني!! بعدين لما جيت تعزي صديقك والد الطفل طلب منك تكتب أغنية للحدث ده.. قمت كتبت:
كلمني يا حلو العيون..
حيرني صمتك يا حنون..
كلمني حاول حس بي..
كلمني خُت اللوم علي..
كلمني والكائن يكون..
ولحنتها وطلب منك تديها للفنان “محمد ميرغني” لأنو فنانو المفضل!! انتهت القصة.
طبعاً ليست هذه مناسبة أغنية حلو العيون لكنها من تأليف مؤلف بارع أطلقها فصدقها الناس.. المهم.. كثيرون لا يكتفون بسماع الأغنيات المحببة إليهم بل يسعون لمعرفة مناسباتها، أريد من ذلك إذ يسألون عن الملهمات اللاتي ألهمن الشاعر ليكتب الغناء.. لذا جاءت المقولة الشهيرة (يغني المغني وكل حد على هواهو). وبهذه المناسبة أنا من المتهمين بأني السبب المباشر في كثرة المغنين والمغنيات حتى من بعض أصدقائي كبار الفنانين.. أحدهم قالها في مجلس ضمناً كنا نتحدث فيه عن موضوع الكم الهائل من المغنين والمغنيات الشباب الذين زحموا الساحة ولا يجيدون الغناء وغنائهم ركيك!! وذلك حينما كنت أعمل أميناً عاماً للمصنفات وهذه مناسبة أستغلها لأقول إن أمين عام المجلس الاتحادي مكتب حق المؤلف والمصنفات لا يجيز الأصوات ولا يجيز الألحان ولا النصوص، إذ أن أمر الإجازة من اختصاص لجان متخصصة يصدر بها قرار من وزير الثقافة المشرف على المجلس، وقرارات تلك اللجان ملزمة لا شأن لأمين المجلس فيها.. لكن للأسف الشديد تعددت اللجان المرخصة للغناء فللإذاعة القومية لجنة وللمصنفات لجنة وللمهن الموسيقية لجنة، لذا ينبغي توحيد تلك اللجان والمنطق يقضي أن تمارس اللجنة الموحدة مهامها بمقر مجلس المصنفات الأدبية والفنية مكتب حق المؤلف، ولا بأس أن يتم تشكيل تلك اللجنة من ذوي الاختصاص في مجال الفن من كلية الموسيقى ومن الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون ومن مجلس مصنفات الولاية ومن اتحاد شعراء الأغنية. ولا بأس أن يكون ضمن عضوية اللجنة بعض من الخبراء والمختصين في مجال الغناء والموسيقى والألحان، وأن يأتي قرارها موحداً. ولا بأس في انتقال تلك اللجنة إلى الولايات متى طلب منها ذلك حتى لا تتجزر الجهات المانحة للترخيص بالغناء، وأن تأتي القرارات آمرة وآخذة لا يجوز استئنافها إلا بواسطة وزير الثقافة الاتحادي والولائي، فلها الصلاحية بتشكيل لجنة خاصة تنظر في المسائل المستأنفة من المستأنفين من أصحاب المصنفات.. ما عدا تلك الأصوات النشاز المنتقدة.. فبقاؤهم في الساحة مسألة وقت لأن المتلقي سرعان ما يلفظهم ويلفظ غناءهم الغث وألحانهم الركيكة، ولن يبقى في مساحة الغناء إلا الفنان الموهوب الذي يغني غناءً جميلاً طيباً يحمل قيم الحب والخير والجمال مثلما فعل الرعيل الأول الذين أسسوا للغناء السوداني الأصيل والجميل.. وهنا ينبغي أن أؤكد أن المتلقي نفسه يساهم في انتشار الغناء الركيك فكم من مكبر صوت …. في مناسبات شتى يبث أصواتاً مزعجة وغناءً هايفاً وموسيقى رديئة. قلت لجاري الذي أقام حفل زفاف ابنته وهو أستاذ وعاشق للغناء الجميل.. لماذا أحضرتم هذا المغني، أيعجبك صوته؟! أجابني متحسراً والله يا أستاذ الجماعة قالوا دايرنو.. ودفعت أطناشر مليون أجرة لي ساعة ونص من الكواريك، مسكين صديقي.. حكم القوي على الضعيف، ما يقدر يعصي أمر الجماعة!!! وأقول لوزير الثقافة الاتحادي الجديد ولوزير الإعلام الجديد، ضعوا ملف الغناء في أولويات عملكم الإستراتيجي وحبذا لو استأنفتم إنتاج مهرجانات الثقافة القومية، لأنها المواعين الطبيعية في المجتمعات المتحضرة لإنتاج ثقافة الشعوب. وأذكركم بالمهرجانات القومية التي تمت إبان حكومة العهد المايوي ثلاثة مهرجانات أظهرت أسماء فنانين وضعوا بصماتهم في الوجدان السوداني، ولا بأس أن ندفع بفنوننا إقليمياً ودولياً للمشاركة بالمهرجانات الإقليمية والدولية، وأن نوجه الدعوات للفنانين من كافة الدول ليشاركوا معنا في مهرجاناتنا. وأستطيع أن أرهن على فنوننا بشتى تصنيفاتها في كونها مدهشة وثرية ومتميزة وستنقل حضارات أهل السودان.. قديماً وحتى الآن يعرف الناس خارج حدود الوطن الفنان الراحل “سيد خليفة” حينما نسأل الآخر عن الفن السوداني سرعان ما يرد عليك أنا بعرف إزيكم كيفنكم أنا لي زمان ما شفتكم، أو يقول الممبو السوداني الممبو الفي كياني. يرحمك الله رحمة واسعة فقد كنت مجموعة سفارات سودانية للغناء السوداني.