د. جاسم المطوع : كيف تحفظ طفلك من الشبكات الاجتماعية؟
في كل مجلس نجلس فيه يطرح هذا السؤال: ماذا أفعل مع أبنائي وهم متعلقون كثيرا بالتكنولوجيا؟ وكيف أتعامل معهم؟ وهل أحرمهم من الهاتف النقال أم لا؟ وما هو الصواب في التعامل مع الشبكات الاجتماعية؟ يكاد يكون هذا الموضوع همّ كل عائلة حريصة على تربية أبنائها تربية صالحة، ولديها مخاوف من الإدمان على النت، أو مشاهدة أبنائها لصور ومشاهد لا تليق بالأخلاق والأدب، وقد كتبت خمس نقاط تربوية تكنولوجية تساعدنا على حفظ أبنائنا من الانزلاق التكنولوجي في الشبكات الاجتماعية، وهي:
أولا: أن يكون الوالدان على علم ودراية بكيفية التعامل مع هذه الشبكات الاجتماعية والبرامج التشغيلية، فلا يستطيع الوالدان أن يتعاملا مع شيء يجهلانه “والإنسان عدو ما جهل”، ولا مانع في حالة عدم معرفتهما التعامل مع الشبكات الاجتماعية أن يتعلما من أقربائهما أو حتى من أبنائهما، وإن كنا نحن نفضل أن يتعلما من أبنائهما ليكون هذا التعليم سببا في تقوية العلاقة بينهم.
ثانيا: فتح الحوار مع الأبناء بين فترة وأخرى عن آخر المعلومات التي يتعرفون إليها من خلال هواتفهم الذكية، سواء كانت هذه المعلومات عن أصدقائهم أو هواياتهم أو معلومات يستقونها من المواقع والحسابات الإلكترونية، فالأجهزة فيها جانب إيجابي وآخر سلبي، ومن واجبنا أن نشجع الجانب الإيجابي ونحببهم به، ليسهم في تنمية أبنائنا وزيادة معارفهم وخبراتهم..
أعرف أحد الآباء طلب من ابنه أن يعلمه التعامل مع هذه التقنية، ثم سأله عن مخاطرها وسلبياتها، فتحدث معه الابن عن سلبياتها كلها، وكانت بداية جميلة لتقوية العلاقة بينهما.
ثالثا: توعية الأبناء بمخاطر هذه البرامج والأجهزة، ونخبرهم بأن حالات نصب واحتيال كثيرة وقعت من خلال الشبكات الاجتماعية، يتم فيها خداع الصغار واستغلالهم، إما بأخذ أموالهم أو بإفساد أفكارهم أو ببيعهم المزيف أو استدراجهم والاعتداء عليهم، وإذا كان الوالدان لا يملكان هذه المعلومات فليستعينا بأحد الأقرباء أو الأصدقاء لتوعية أبنائهما ببعض الخدع الإلكترونية.
رابعا: إذا اكتشف الوالدان أن أحد الأبناء يحمّل برامج غير لائقة أخلاقيا، ففي هذه الحالة نقترح في خطوة علاجية أن يكون الحساب لهذا الابن على الآيتونز موحدا باسم أحد الوالدين، حتى يعرفا كل البرامج التي يتم تحميلها أو شراؤها من قبله، ومن الأفكار كذلك أن يبعدا الأجهزة عن الأبناء وقت النوم حماية لهم من السهر والوقوع في حبائل النصب، ونقترح أن يخصص مكان مركزي في البيت لشحن الأجهزة بعيدا عنهم، وإذا كان الابن دون الثانية عشرة نعلمه أن يحذر ممن يتبعه، فلا يقبل أي شخص يطلب صداقته وخاصة إذا كان لا يعرفه، فالأصل المنع والحجب حتى لا يتعرض للخداع، ونخبرهم بأنهم ليسوا من المشاهير الذين يتبعهم من لا يعرفهم.
خامسا: لضمان حماية حسابات ابنك ساعده على أن تكون كلمة السر قوية وطويلة، مع محاولة تغييرها من وقت لآخر، واحرص على استمرار الاتصال بينك وبينه فيما يفعله ويكتبه في الشبكات الاجتماعية، وحذرهم من نشر المعلومات الخاصة بهم كعنوان المنزل أو الهاتف الشخصي أو حتى اسم المدرسة، أو أي معلومة عن أصدقائهم للغرباء، فكم من مخادع استغل هذه المعلومات في الإيقاع بالأطفال.
أما مسألة العمر في التعامل مع الشبكات الاجتماعية (تويتر، إنستغرام، فيس، كيك..) فإننا لا نفضل أن يكون عمر من يتعامل معها أقل من عشر سنوات، لأن هذه الفترة ذهبية للتعلم والحفظ واكتساب المعرفة، وغرس المفاهيم الإيمانية والقيادية، أما بعد العاشرة فإنهم سيسعدون بالتعلق بهذه الشبكات، ولكن علينا أن نقنن لهم الوقت، فلا نترك الحبل على الغارب حتى لا يصلوا لمرحلة الإدمان أو العزلة والأمراض النفسية، وقد نشرت كثير من الدراسات أن الأطفال الذين يقضون ساعتين كل يوم أمام التلفاز أو الكمبيوتر أو الأجهزة النقالة، وعمرهم أقل من 6 سنوات، فإنهم يكونون عرضة للصعوبات النفسية مستقبلا، فالهدف من كل هذه الإجراءات التربوية الحفاظ على أبنائنا وتنشئتهم تنشئة صالحة، وليس منعهم من كسب مهارة جديدة أو تقنية مطلوبة في زمن المجتمع الإلكتروني، والله الحافظ.