البعض يذهب للمأذون مرتين
ولسنا هنا بصدد الحديث عن موضوع الزوجة الثانية فقد قتله العالم بحثا والطلب والإقبال عليه في تزايد مطرد. والتبعيض هنا ليس للرجال فحسب.. ولكنه لعموم الأزواج من الجنسين.. إذ صار الطلاق هو القاعدة. والحياة الزوجية المستقرة هي الاستثناء!!
وإذا قدر لأي زيجة أن تتجاوز عامها الأول بسلام فهي تعد زيجة ناجحة بكل المقاييس.. أما إذا صمدت لخمس سنوات متتالية فحق لأصحابها أن يحتفلوا بتجاوز مرحلة الخطر.
لن نتكلم عن زيجات حديثة بلغت العاشرة أو الخامسة عشرة وشبت عن الطوق لأنها تعتبر حينها معجزة عصرية تستحق التقديس وتستوجب الانبهار الصامت في حضرتها وتهنئة أفرادها بهذا الإنجاز التاريخي!!
ارتفاع معدلات الطلاق موضوع متداول والحديث فيه ذو شجون.. وكم سعينا أينما تحلقنا في جلساتنا العامة والخاصة للبحث عن حلول والاتيان بالأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة الإنسانية الخطيرة..
البعض يرى أن فهم الشباب لقداسة الحياة الزوجية والإحساس الحقيقي بالمسؤولية قد تراجع!!.. والبعض يلقي باللائمة على الفتيات وأسرهن ونظرتهن التجارية لمشاريع الزواج التي تورث الغبن داخل نفوس الأزواج وذويهم!!.. والبعض يرى أن الرجال (بقت عينهم طايرة) ومتهاونين وأسهل ما يجري على ألسنتهم عند أقل خلاف في وجهات النظر هو لفظ الطلاق دون اعتبارات لما يجب أن يكونوا عليه من قوامة وحكمة وسعة صدر…!!
والبعض الأخير يعتبر تجربة الفتيات في بيوت ذويهن غير ناضجة وفكرتهن عن الزواج على اعتبار أنه مظاهر وزينة ودلع، مغلوطة وغير واقعية.
وكلنا نتفق على أن السنة الأولى تحديدا من عمر أي زيجة يجب أن تكون سنة تجريبية ويتوقع فيها الطرفان حدوث أي شيء بعيد عن التوقعات.. بسبب تغيير البيئة المفاجئ وشكل الحياة والمهام اليومية وضرورة أن يشاركك أحدهم تفاصيلك ويفرض وجوده على حياتك بعد أن عشت زمنا طويلا مستقلا بذاتك.
أعلم أن كل ما تقدم ذكره قد خطر في أذهانكم جميعا من قبل….ولكن المؤسف أن الأزمة لا تزال قائمة.. وتراجع معدلات الاستقرار متواصل.. وارتفاع معدلات الطلاق متزايد ويفتح أمامنا المجال للتساؤل حول ما تصبح عليه المطلقات لاحقا! فبعضهن يعدن إلى ذويهن يجرجرن أذيال الخيبة ويعانين من الاكتئاب والإحساس بالنقص ويعمدن للانطواء.. وبعضهن يتصالحن مع أوضاعهن ويقبلن فشلهن في التجربة دون أن يفقدن ثفتهن في أنفسهن وقد يعدن لسابق حياتهن فيكملن دراستهن أو ينهمكن في العمل.
بيد أن البعض ينجرف مع تيار المجتمع الذي يساهم بفاعلية في منح المطلقات الإحساس بكونهن منحرفات أو سهلات المنال أو منبوذات وغير قادرات على النجاح في أي شيء وتظل هذه الوصمة تلاحقهن طويلا.. رغم أن الكثير من الشواهد تقدم المرأة المطلقة كنموذج للنضج والاستفادة الإيجابية من التجربة والرغبة الأكيدة في التحسين.
الطرف الآخر.. المعروف بالزوج.. يجد في الغالب تعاطف المجتمع.. والملاحظ أن الرجال المطلقين مطلوبون جدا للزواج من جديد! أما في حال وجود أطفال كثمرة لهذه الزيجات القصيرة فذلك يستحق وقفة قائمة بذاتها نقفها لاحقا.
ولكننا الآن يجب أن نعرف أن ذهاب البعض للمأذون مرتين يكون في كثير من الأحيان بسببنا! ربما لقصور في التربية أو مبالغة في الطقوس الاجتماعية أو لمرض عضال في التعاطي الاجتماعي لتلك العلاقات الحميمة التي جعلها الله مودة ورحمة وسكنا، فجعلناها ندية وسلبية وبرودا!!!
تلويح:
رجاء.. كلما نشبت الخلافات بينكما فلا تهرولا نحو المأذون، فقط اذهبا للصلاة كي يموت الشيطان كمدا.