إتكاءة قبل التشكيل الوزاري
< قال البروفيسور عبد الله الطيب يوماً لطلاب الآداب لا أملك لكم نصيحة غير نصيحة أبي وأنا حينها صبي يا بني، الأدب بهاء الملوك، ورياش السوقة.. والناس بين هاتين.. فتعلمه تجد نفسك حيث تحب.. < قالت لي ماذا أسمي هذا البرنامج وشرحت فكرتها في اختصار غير مخل فاقترحت عليها شعاراً أو اسماً قد يهون العمر إلا ساعة وتهون الأرض ألا موضعا < قال الفيتوري مستدلاً بقول ابو حليكمة الشاعر ذهبت النساء اللائي يجلبن الأرق والشعر وضحك بطريقته الأفريكانية تلك أين هن وأين القوافي وتأوه قائلاً أطبقت للنوم جفناً ليس ينطبق وبتُّ، والدمع في خديا يستبق لم ينشرح من له عين مؤرقة وكيف يعرف طعم الراحة الأرِقٌ < ومن الأقوال التي يحتفي بها الساسة والمصلحون وأصحاب الآراء قول الفاروق لو كان المرء أقوم من قِدح لوجد له غافر < ليت ولاية الخرطوم تجعل على مدخلها لافتة نخاف منها ونستحي جميعنا الشعب والحكومة إن للاسلام حائطاً منيعاً وباباً وثيقاً فحائط الاسلام الحق وبابه العدل.. < ومن لطائف المطالع والتقدمات للشعر حين كتب بن حجة الحموي (هذه قصيدة ليزيد بن معاوية وهي عزيزة الوجود) يقول رجال الحي تطمع أن ترى لليلى وصالاً، مت بداء المطامع وكيف ترى ليلى بعين ترى بها سواها وما طهرتها بالمدامع وما سر ليلى ما حييت بذائع وما عهد ليلى إن تناءت بضائع < من المقولات التي لا يمكن أن تصادر تحت أي نظام من أنظمة الحكم قول عبد الله بن عمر إذا كان الامام عادلاً فله الأجر وعليك الشكر وإذا كان الامام جائراً فله الوزر وعليك الصبر < ومن الحكم التي يحبها السودانيون إمام عادل خير من مطر وابل وإمام غشوم خير من فتنة تدوم < وكتب جبران في إسطر قليلة ما ظلت الصحافة العربية تكتبه في سنوات ويل لأمة تنصرف عن الدين إلى المذهب وعن الحقل إلى الزقاق وعن الحكمة إلى المنطق ويل لأمة تلبس مما لا تنسج وتأكل مما لا تزرع وتشرب مما لا تعصر ويل لأمة تقابل كل فاتح بالتطبيل والتزمير ثم تشيعه بالفحيح والصفير لتقابل فاتحاً آخر بالتطبيل والتزمير ويل لأمة عاقلها أبكم وقويها أعمى ومحتالها ثرثار ويل لأمة كل قبيلة فيها أمة < ليت العواصم العربية تقرأ أمثال الغير بعد أن نسيت حكمتها وأمثالها يقول الفرنسيون إنسحاب جيد خير من إتفاق سيئ. < قال لي أنا هذه الأيام أكملت فقه الشافعي وها أنذا أكمل ديوانه وعلى غير إتفاق رددنا أبياته عليه الرضوان أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر وسالمتك اليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر < روشتة فاروقية إياكم والبطنة فانها مكسلة عن الصلاة مفسدة للجسد مورثة للسقم وأضاف لها دعبل الشاعر بيتاً وضيف عمرو وعمرو يسهران معاً عمرو لبطنته والضيف للجوع < السودانيون يحسنون نظم المدائح ويسحنون إختيارها وقد أختاروا للسهروردي القتيل وا رحمتا للعاشقين تكلفوا ستر المحبة والهوى فضّاح بالسر إن باحو تباح دماؤهم وكذا دماء العاشقين تباح < ومن النصائح التي قدمها الحجاج وتصلح لأبناء القرى التي تجاور الأنهار علم أولادك السباحة قبل أن تعلمهم الكتابة.. فانهم يجدون من يكتب عنهم ولكنهم لا يجدون من يسبح عنهم. < الكثير من الساسة عندما أجبروا على مغادرة مقاعدهم لم يذهبوا لمدرجات الجامعة محاضرين أو لقاعات الدرس معلمين أو للمشاريع مهندسين أو للحقول مزارعين ومرشدين.. ليس لأن المهنة القديمة لا تكفي معاشهم كلا ولكنها ما عادت تكفي أطماعهم وأوضاعهم. < أي صدام يحدث ما بين المعاليا والرزيقات يعني بأنك يمكنك أن تهزم عدوك فقط بأن تجعله يحارب نفسه وتجلس أنت ضاحكاً لأخبار وصور الواتساب وهي تبث صوراً لقتلى وقوائم الضحايا. < من قضايا الانتاج ومجتمع الكفاية والعدل قيل اجتمع الصوفية إلى أبي القاسم الجنيد وقالوا يا أستاذ أنخرج ونسعى في طلب الرزق؟ قال لهم: إن علمتم أين هو أطلبوه، قالوا فنسأل الله أن يرزقنا، قال: إن علمتم أنه ينساكم فذكروه.. قالوا فنجلس إذاً ونتوكل، قال التجربة شك.. قالوا: فما الحيلة؟ قال ترك الحيلة. ومن الهدايا حكى أن شخصاً جاء إلى الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي سلطان العلماء, فقال: رأيتك في المنام تنشد: وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان فشلّت قال: فسكت ثم قال: أعيش ثلاثاً وثمانين سنة، فإن هذا الشعر لكثير عزة، وقد نظرت لم أجد بيني وبينه نسبة فإني سني وهو شيعي، وأنا طويل وهو قصير، وشاعر ولست بشاعر، وأنا سلميّ، وهو خزاعيّ، وشاميّ وهو حجازي. فلم يبق إلا السن فأعيش مثله. فكان كذلك.