مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : تحدث مع طفلك حول التحرش الجنسي

كثرت القضايا التي نسمعها ونقرؤها حول الاعتداء على الأطفال أو التحرش بهم جنسيا من خلال التواصل عبر النت أو الاتصال المباشر معهم وخاصة داخل البيوت أو في المدارس والأندية والأماكن العامة، وأحيانا يكون الاعتداء عليهم من شخص لا يتوقعه الوالدان ، ومنذ يومين عُرض علي أكثر من حالة للتحرش منها شخص يعمل بالمدرسة، وتلميذ في بيته وكانت وسيلة التحرش من خلال (السكايب)، وقصة أخرى بين سائق وطفل، وكذلك بين طفل وابن عمه الأكبر منه بثلاث سنوات.

فإذا كنا سابقا لا نتحدث مع أبنائنا إلا عند اقترابهم من سن البلوغ، فالواجب اليوم أن نتحاور معهم من الصغر وذلك بسبب الانفتاح التكنولوجي الواسع والقضايا التي صرنا نعيشها يوميا حتى صرنا لا نأمن من تعرضهم لموقف أو صورة أو فيلم أو اعتداء ، وقد كتبت مقالا سابقا حول هذا الموضوع وكان بعنوان (كيف تحمي طفلك من الاعتداء الجنسي) ولكن في هذا المقال نركز على طريقة التحدث مع أطفالنا حول التحرش الجنسي، وقد لخصت الجواب علي هذا التساؤل بسبع قواعد تربوية هي :

1- وجود علاقة قوية : لا بد من وجود علاقة مبكرة مع الطفل وأن تكون هذه العلاقة مبنية على الثقة والمحبة، وليس على الخوف والوجل حتى تستثمر هذه العلاقة مستقبلا في حالة تعرض الطفل للمواقف الجنسية، فيكون الوالدان هما المرجع الأساسي لحمايته وإرشاده.

2- سوالف لا محاضرة : عادة نعتمد على الدروس والمحاضرات في تعليم الطفل الثقافة الجنسية ولكن الصواب أن يكون من خلال “السوالف” والحوار الدائم معه حتى نعطيه فرصة للسؤال والاستفسار بعيدا عن الرسميات والحواجز الإسمنتية التي يفرضها جوّ المحاضرات والندوات.

3- المواضيع حسب الأعمار: الأصل أننا نتحدث مع الطفل حسب عمره ونتوسع معه بالمعلومات كلما كبر حتى يصل لسن البلوغ فتكون المعلومة مكتملة عنده ، ولكن نستثني من ذلك لو تعرض الطفل لتحرش -لا سمح الله- فإننا لابد أن نصارحه حتى ينتبه في المرات القادمة.

4- إعطاؤه الأمان : عند الجلوس مع الطفل والحوار معه في المسائل الجنسية لا بد أن نعطيه الأمان فلا نخوفه أو نهدده إن تكلم بهذا الموضوع بل نستمع إليه وننصت له ولا نقاطعة أو نشك فيه أو نتهمه، وإنما نعطيه الأمان ليتحدث بلا تحفّظ معنا، ونجيبه على كل تساؤلاته دون حرج، ونقول له في نهاية الجلسة: لو خطر ببالك أي سؤال أو استفسار مستقبلا فنحن مستعدون للحوار معك بهذا الموضوع، فيطمئن ويفتح لنا قلبه.

5- نحن نبادر : لا تتوقع من الأطفال أن يبادروا بالسؤال والحديث عن الأمور الجنسية، ولكن المبادرة ينبغي أن تكون منا وخاصة في البداية ولهذا ينبغي أن نهيئ الأجواء للحديث معهم ونستخرج ما في نفوسهم من خلال فتح مواضيع متنوعة بين فترة وأخرى.

6- الفكاهة : لا بأس أن نضحك ونمزح مع أطفالنا أثناء الحديث حول الجنس حتى لا يكون الجو متوترا، وكأننا نتكلم عن شيء ممنوع فالجنس حاجة بشرية، ولكن علينا أن نصرفها في طريقة صحيحة، أما خلاف ذلك فينبغي أن نضبط شهواتنا وأهواءنا بما يرضي ربنا.

7- الاحترام : نعلم أطفالنا أن الاحتياجات البشرية لا بد أن تحترم، وعليهم أن يحترموا أنفسهم ويحترموا الآخرين، وأنهم سيشاهدون شبابا يغازلون أو يتحرشون بفتيات أو شباب فيمدحون جمالهم أو جسدهم، وفي هذه الحالة لا بد أن يكون لهم دور إيجابي في حالة الاعتداء على الآخرين.

هذه سبع قواعد مهمة جربتها مع عائلات كثيرة وكانت مفيدة جدا في إذابة الجليد بين الأبناء والآباء، كما أننا ندعم كلامنا معهم بقصص القرآن فنذكر لهم قصة قوم لوط عليه السلام بتفاصيلها ولا نهمل أبناءنا، فقد مرت علي قصة لفتاة جاءت وادها وهي تبكي عندما نزل عليها دم الدورة الشرعية معتقدة أنها مريضة وهي لا تعرف أن هذه من علامات البلوغ. وشاب آخر تعرض لتحرش من ابن خالته الأكبر منه سنا وكان ينزع عنه ثيابه ويقول له إنه طبيب يريد أن يفحص جسده، فصدق كلامه واستجاب له.. وقصص كثيرة تدل على إهمال الأهل تربية أبنائهم وتوعيتهم جنسيا أو الحديثَ معهم حول التحرش جنسيا، فلنتأمل ذلك.