نفي الصورة وسعادة السفير
متابعة لما نشر في هذه الزاوية أول أمس، وما نشر من تقرير عن ذات الموضوع للزميلة (صباح موسى) أمس، بخصوص ما كشفته (نيوزويك) عن دور القيادي الفلسطيني الفتحاوي البارز (محمد دحلان) في التوسط بين مصر وإثيوبيا بطلب من الرئيس المصري (السيسي) في تقريب وجهات النظر بين الأطراف ذات الصلة بمشروع سد النهضة، الأمر الذي أفضى في ختام المطاف إلى إبرام اتفاق المبادئ بالخرطوم.
ما أن تلقفت (اليوم التالي) والصحف المصرية هذا الخبر الدحلاني العظيم، من لدن (نيوزويك) ونشرته، حتى كشف مصدر دبلوماسي مصر رفيع كان تحدث لجريدة (القدس العربي) اللندنية، عن انزعاج القاهرة من انكشاف الدور (الوساطة) التي لعبها القيادي الفلسطيني محمد دحلان للتوصل إلى الاتفاق المبدئي بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة. واعتبر الدبلوماسي المصري، أن حكومته تشك في أن دحلان نفسه كان وراء تسريب الخبر بغرض دعم صورته كسياسي يتمتع بحضور إقليمي، ودعم إماراتي وثقة من أطراف الأزمة وخاصة مصر وإثيوبيا.
الخرطوم من جانبها نفت نفيا قاطعا، على لسان سفيرها إلى القاهرة عبد الحليم عبد المحمود الذي تحدث أمس لـ (اليوم التالي)، وجود أي دور لدحلان في ملف سد النهضة وفي التوقيع الذي تم بين مصر والسودان وإثيوبيا بالخرطوم مارس الماضي، مؤكداً أن الوساطة التي تمت لتقريب وجهات النظر بين القاهرة وأديس أبابا في هذا الموضوع كانت سودانية خالصة، مضيفا أن السودان لعب دوراً كبيراً في هذا الملف بالتعاون مع مصر وإثيوبيا، لافتاً إلى أن مثل هذه الأقاويل ما هي إلا محاولة للتقليل من الدور الكبير الذي قام به السودان في ملف سد النهضة.
بالطبع ومع احترامنا لدور الدبلوماسية السودانية الذي قال به السفير عبد الحليم، إلا أن نفيه القاطع لدور دحلان الكبير في إبرام اتفاق المبادئ لا يمكن (بلعه)، خاصة وأن الأطراف الأخرى لم تنف ذلك، فإثيوبيا كعادتها التزمت الصمت، بينما شككت مصر – بحسب القدس العربي– في أن مصدر التسريب ربما كان دحلان نفسه، وهذا التصريح المصري وذاك الصمت الأثيوبي ينطويان على اعتراف ضمني بدور الرجل، فلماذا يا ترى تسرع سعادة (سفيرنا) إلى هذا النفي غير الموضوعي ولا المبرر، خاصة وأن الصور التي نشرتها (نيوزويك) وهي متوفرة على موقع الصحيفة الإليكتروني لمن أراد رؤيتها أو التحقق من مصداقيتها، لا يمكن نفيها أو انكارها، وهي صور التقطت في أديس وأبو ظبي والقاهرة تجمع دحلان بصناع القرار في تلك البلدان.
نفي الصورة ليس أمراً شائكاً فحسب يا سعادة السفير عبد الحليم، بل غير دبلوماسي أيضاً، إذ كان يمكنك أن تجد مخرجاً آخر، كأن تقول “لا علم لي بهذا الموضوع إلى الآن” – مثلاً (يعني).