مقالات متنوعة

حسن إسماعيل : العدل والمساوة (كسر رقبة)

لا أظن أن مقالاتنا الماضيات عن المعارضة الحزبية والعسكرية قد غادرن ذاكرة القراء بعد، وقد كتبنا قبل أسابيع عنها تحت عنوان ( المعارضة.. كلام ببكيك)، ولا بأس من التذكير هنا

قلنا إن الحركات المسلحة ستجابه بحالة إحباط وسط قواتها بسبب الخمس سنوات القادمات التي هي عبارة عن المرحلة السياسية القادمة التي ستبدأ أعقاب نتائج الانتخابات ويبدو أن حركة العدل والمساوة أرادت استباق حالة الإحباط تلك بمغامرة غير محسوبة العواقب وبأخطاء تكتيكية وإستراتيجيه ساذجة فوقعت على عنقها وكسرتها، فمن غير فقير في الخيال ومبتدئ في التدبير يقوم بعملية عسكرية ضخمة داخل الفترة الزمنية التي تكون فيها كل الأجهزة الحكوميه على أهبة الاستعداد بطبيعة الظرف السياسي الذي تمر به البلاد وإقامة الانتخابات؟.

وقلنا إن ميزان القوة العسكرية سيكون محسوم لصالح الخرطوم طوال الحقبة القادمة لأن الحكومة اختارت أن تقف الموقف الصحيح فيما جرى في المنطقة العربية وستلعب منذ البداية بثقة أعلى في نفسها وبروح معنوية عالية وكل هذا يجب أن يجعل قادة الحركات المسلحة يعيدون حسابات العمل الخارجي كله وليس فقط حسابات العمل العسكري.

وقلنا إن خطر العمل العسكري لن يكون موجهاً نحو العنق الحكومي بقدر ما سيأخذ فوهة المسدس ويوجهه ناحية أقدام العمل السياسي للمعارضة وشرحنا ذلك.. إنه في حالة إنهزام هذه الحركات المسلحة في الميدان ـــ وهذا ما بدت بوادره الآن ـــ فإنه سينكسر ظهرها وتضطر للمشي حبواً على ركبتيها لتوقع على تسوية منخفضة السقف سميناها يوم ذاك تسوية (قدر ظروفك) تنقذ هذه الحركات من غضب مقاتليها.

لن نرجم بالغيب.. ولكن في الغالب الآن .. ودون أن تهتم العدل والمساواة لمعرفة مواقع مصارع جنودها وخبر أسراهم فإن قادتها الآن يدركون أن الذي حدث أكبر من محض هزيمة عابرة في الميدان.. أو جرح سطحي فوق جسد قواتهم.. بل هي ضربة موجعة فوق الرأس تقود لإنكسار العنق مباشرة وهذا يعني أن جبريل إبراهيم يدرك الآن أنه عليه إما أن يصبح مجرد قيادي (نفر) تحت قيادة قادة قطاع الشمال أو أن يبحث عن (دريب) ينتهي عند الخرطوم بحثاً عن تسوية، وأي تسوية؟

تسوية في اتساع تلك الشمسية التي يرفعها الأشخاص فوق رؤوسهم اتقاء زمهرير الشمس أو أزيز المطر.. شمسية تتسع لتدس رأساً واحدة لا غير

إنه تاريخ العمل المسلح في السودان يبتدئ بفورة عارمة وينتهي بتسوية (دكاكينية) (مضبلنة) وكحيانة.. نعم لا جديد منذ يوليو 76 ونيفاشا ومناوي ودبجو وجيبوتي وقاهرة (التجمع).. اسمعونا للمرة الأخيرة.. العمل السياسي المعارض مكانه الخرطوم.. والخرطوم فقط.. أما في خارجها فهو محض خيبات.. محمولة جواً .

تعليق واحد