عبد الجليل سليمان

من شابه أباه فما ظلم

لن أجزم بعروبة المثل أعلاه، خاصة بعد أن تأكدت أنه منتشر لدى شعوب وأمم كثيرة، كل يدعي (ملكيته) وينسبه إليه. لكنني ورغم يقيني بأن هذا المثل منقطع النسب والأصل، لم أجد بُداً من الاستعانة به في توصيف حالة نجل زعيم طائفة الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل مولانا (محمد عثمان الميرغني).

وكما (شتت) المثل أعلاه (شمله) بين الشعوب، أسهم (الحسن الميرغني) في تشتيت شمل حزبه وحزب أبيه، قبل أن (يختفي) عن الأنظار ثم يعود إلى ذات المضمار الذي سعى عليه والده بين صفا (التجمع الوطني) و(مروة) الحكومة.

وأنا أقرأ عناوين الصحف الصادرة أمس، فأطالع (عودة وشيكة لنجل الميرغني) (الحسن يعود إلى البلاد).. قلت لنفسي هذه العناوين ليست غريبة عليّ، أجزم أنني قرأتها من قبل.. فقدحت ذاكرتي فإذا بها تُخرِج إلىّ أثقالها.

هذه العناوين كتب قبل سنوات، فقط عليك تغيير اسم (الحسن) بـ(محمد عثمان) أو (مولانا)، حتى تؤمن بعبارة (التاريخ يعيد نفسه)، وتتخذ من المثل القائل (من شابه أباه فما ظلم) ديباجة لتوصيف أحوال السادة المراغنة السياسية.

لم يقدم لنا الحزب الاتحادي بعوده وظلاله، أي برامج سياسية حتى نتداولها بيننا بالنقاش والحوار ثم نقبلها أو نرفضها، فها هو العود (الديمقراطي الأصل) يقف في منطقة رمادية بين الحكومة والمعارضة ويبدو كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى. وها هو (ظل الأصل) (فرع الدقير) يعوجّ حين كما أعوج (عوده)، فتُصدر أطياف منه بياناً تهدد فيه بالانسحاب من حكومة (الحليف) الاستراتيجي (المؤتمر الوطني)، ثم تأتي أطياف أخرى لتنفي نية الحزب في ارتكاب فعل الانسحاب إذ تعده من (الموبقات) فتجتنبه.

ظلال الاتحادي، لا يأبه بها أحد، هذا مفهوم، ولكن ما يثير القلق هو اعوجاج موقف أصل الحزب (العود)، والمتمثل في رعونة أدائه السياسي ورمادية مواقفة، وغياب برامجه، ومغادرة (أولياء أمره) ثم (عودتهم) دون إبداء أسباب منطقية تبرر (كثرة السفر والجيّة)، إذ أن الشخصيات العامة لا تسافر هكذا (خبط عشواء)، بل لابدّ لها أن توضح لماذا فعلت هذا؟ حتى ترتاح عناوين الصحف من (غلوتية) (غادر وعاد، وسيغادر وسيعود).

حقاً من شابه أباه فما ظلم.