فرصة وضاعت!
هل كان ممكناً أن تفكر المعارضة… المعارضة كلها “دون فرز”… أحزاب سلمية وحركات مسلحة ومنشقون و(حردانين) في أفكار جديدة لتستفيد من مرحلة الانتخابات؟! بدلا من انتظارها لتبدأ وتنتهي ولا يكون حظها سوى مناشدة المراقبين ألا يراقبوا… والناخبين ألا يصوتوا ..!
طبعا من المستحيل أن تتفق على حزب واحد يمثلها في الرئاسة والبرلمان، لكن هل كان مستحيلا أن يتفقوا على رمي البطاقة فارغة بلا أي رمز؟! وعندها كان يمكن أن تدعي المعارضة “المنصورة” أن كل من رمى البطاقة فارغة فهو يعبر عن حملة “ارحل”، ولكن الادعاء بأن كل من لم يذهب للتصويت فعل ذلك لأنه استجاب لحملة “ارحل” … ادعاء واسع وبعيد شوية … وربما يكون أقرب لمصادرة الخيارات الشعبية المختلفة والمنطلقة من ذاتها … هنالك الكثيرون لم يذهبوا لأسباب لا علاقة لها البتة بحملة “ارحل”… هنالك الكثيرون غير مقتنعين بالحكومة والمعارضة… بل يرون في المعارضة سببا لاستمرار الحكومة وذلك لضعفها ورهاناتها الفاشلة والمتكررة… لقد راهنت على قرنق والحركة الشعبية… ثم أخذت “زومبا” في نيفاشا وعادت إلى كنبة الاحتياطي… ولما استعانت بها الحركة الشعبية لنسف حوار الداخل … دخلت في ذات الرهان السابق أو بالأحرى الخطأ السابق “نسخ لصق” وانتهى بها الأمر أن تساند الحركة الشعبية في الحكم الذاتي وتنسى الديموقراطية والحلول الشاملة و”هلمجرا”!
تحولت الأحزاب بما في ذلك حزب الأمة القومي … حزب الخيارالاستقلالي الذي تأسس في منتصف الأربعينيات إلى كرت ضغط في 2015 في يد الحركة الشعبية في مفاوضات المنطقتين فقط لا غير … !
أنا واثق أن ياسر عرمان نفسه كان مرغما على تبني مطلب الحكم الذاتي … وأنه غير مكتمل الإرادة لأن هذا جعله فريسة سهلة لبيان قوي من عبد الواحد ..!
ويوما يصبح ياسر نفسه كرت ضغط … مؤقت المفعول ومحدود المرحلة ..!
المواطن السوداني الذي لم يذهل للاقتراع ليس بعيدا من كل هذا … ولا تعبر عنه مجموعة “ارحل” إلا من باب الادعاء الإسفيري ..!
كان من الممكن أن تحشد المعارضة وقوى باريس ونداء السودان جماهيريها لحملة البطاقة الفارغة … وكان يمكن حشد مراقبين طوعيين من منظمات المجتمع المدني … ألم يقولوا إنها وقعت كلها في نداء السودان ..!
كل المنظمات كان مسموحا لها بالتقديم للمراقبة … وحضور كل المراحل الانتخابية ..!
إذا قيل إن السجل “مغشوش” … هذا غير منطقي …لأنه السجل المبدئي الذي شاركت فيه الحركة الشعبية اسما اسما … وشارك فيه حزب الأمة ثم غادر الساحة في مرحلة التصويت في إبريل 2010 بعد أن رشح البروف مختار الأصم للمفوضية ..!
مرت مرحلة فتح السجل … والطعن في السجل … والمعارضة تراهن على عدم قيام الانتخابات أو ثورة شعبية تقتلع النظام من جذوره .. أو أن تستمر سلسلة الانشقاقات بعد تباشير انشقاق “الإصلاح الآن” … ولكن انشق “الإصلاح الآن” ولم ينشق الوطني ..!
المعارضة مشكلتها … تريد أن يحدث كل شيء … وتستلمها “جاهزة بدون أي تعب” … وبعضهم يريد أن تنتفض الجماهير وتغير النظام ويأتي هو ليجدها في استقباله في المطار لتحمله على الأعناق للقصر الجمهوري رأسا ..!
يا ربي الشعب السوداني بعمل كدا؟! ينتفض ممكن … لكن يسلم الحكم لإعلان باريس … الله أعلم ..!