المشكلة في البنقو
إنجاز الكبير ذلك الذي حققته الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بضبطها مصنعاً لحبوب المخدرات الكبتاجون بمنطقة (الإدية) على أطراف ولاية الخرطوم.. لتؤكد الشرطة مجدداً أنها تقوم بأداء مهامها وواجباتها بكفاءة فنية عالية برغم محدودية إمكانياتها..
ليس غريباً على الشرطة أن تقوم بدورها المطلوب في الكشف عن الجريمة والقبض على الجناة فلديها تاريخ ناصع ومشرف من الإنجازات.. لكن دورها هذا ينتهي بالطبع عند بوابة الجهات العدلية من نيابة ومحاكم، وهي المرحلة التي نحتاج للوقوف عندها قليلا ًحين يكون الحديث عن المخدرات.. لأن جرائم تجارة المخدرات وترويجها وتصنيعها وتعاطيها تواجهها دول العالم بأغلظ العقوبات التي تصل الى حد الإعدام ولا تتوانى في تطبيقها.. وفي القانون الجنائي السوداني عقوبات الإتجار بالمخدرات هي أيضاً عقوبات رادعة تصل حد الإعدام أو السجن المؤبد.. لكن تلك العقوبات والقوانين تحتاج إلى تفعيل بعد تقدير جيد لمدى خطورة المخدرات.
يتحدثون عن أن هذا المصنع الذي تم ضبطه له قدرة إنتاجية تصل الى عدة آلاف من الحبوب المخدرة في الساعة الواحدة.. وأنه كان يستهدف بإنتاجه بعض الدول المجاورة لكن هذا لا يعني عدم وجود نسبة مقدرة من الإنتاج كانت موجهة لسوق المخدرات المحلي داخل بلادنا خاصة وأن جيل الخرشة والحشيش من الطلاب والشباب الذين ابتلاهم الله بهذه المصيبة كانوا على استعداد لاستهلاك كميات مقدرة من إنتاج هذا المصنع.. لكن وللأسف لا توجد في بلادنا إحصائيات دقيقة لحجم انتشار المخدرات وسط الشباب وداخل الجامعات حتى الآن وذلك بسبب القصور الكبير من جانب الدولة في متابعة ورصد وعمل الإحصاءات اللازمة..
لدينا في السودان مشكلة حقيقية في ثقافة المسح والإحصاء في كل المجالات فحتى الأوبئة والأمراض الخطيرة لو لم تكن منظمات الأمم المتحدة والصحة العالمية تتولى مهمة المسح والإحصاء والسيطرة عليها داخل بلادنا لكان الوضع أسوأ مما هو عليه.. الأيدز وشلل الأطفال والملاريا والدرن وغيرها من الأمراض كلها تتولى منظمة الصحة العالمية أمر رصدها ومكافحتها وليس لوزارة الصحة فيها إلا جهد التنسيق وتسهيل مهمة العمل..
مطلوب من الحكومة جهد كبير لمكافحة المخدرات يبدأ بتفعيل القوانين الرادعة ثم عمل مسوحات وإحصاءات دقيقة لمصادر المخدرات ووسائل الترويج لها وحجم انتشارها حتى لو اضطرت للاستعانة بخبرات خارجية مساعدة تقدم لها العون الفني أو تتولى هذه المهمة بتنسيق مع أجهزة الدولة..
فليست المشكلة محددة في حبوب المخدرات المصنعة أو المهربة من الخارج ولسنا دولة عبور فقط للمخدرات كما نظن أو نقول ونردد بل نحن دولة إنتاج واستهلاك وعبور في نفس الوقت لأن ستين بالمائة من استهلاك أفريقيا من (البنقو) يأتي من السودان نصدره نحن لهم من مزارع نبات القنب بجنوب دارفور وغيرها ولا أحد يعرف كم بالمائة من الشباب يتعاطون (البنقو) لكن النسبة الملحوظة كبيرة ومتزايدة ومعظم أركان وأطراف الشوارع وأزقة المدن والأحياء يشتم فيها العابرون في أول المساء رائحة (البنقو) الذي لا يقل خطورة عن غيره من المواد المخدرة.. شباب صغار يدمرون أنفسهم بسبب انحلال النسيج الأسري المحيط بهم وضعف الرقابة من أولياء الأمور وعدم تفعيل القوانين الرادعة وتوعية الأسر والشباب بأن البنقو أو الحشيش مثله مثل كل أنواع المخدرات الأخرى بل ربما أخطر من بعضها..
حسناً فعلتم بضبطكم لمصنع الكبتاجون لكن عليكم أن تتذكروا أن تجار (البنقو) في أحياء الخرطوم يمارسون نشاطهم بكل ارتياح خاصة وأن عملهم لا يحتاج لمعامل تحضير وتصنيع وزبائنهم في ازدياد وخطرهم على شبابنا أكبر ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.