مأساة قرية
* تقع قرية (الفريخ) ريفي الزيداب محلية الدامر على الضفة الغربية من نهر النيل.. على بعد أميال من رئاسة حكومة الولاية.
* تعد القرية من الروافد الرئيسة للسوق المركزي بالخرطوم بالخضر والفاكهة.. كما تعد الممول الرئيس لمحلية الدامر من ناحية العوائد الزراعية، حيث تمتاز بالنوع الجيد من القريب فرت والمانجو والبرتقال والإنتاجية العالية.
* في صبيحة 5/2/2015 فوجئت هذه القرية الآمنة الهادية المنتجة بكارثة زلزلت أركانها.. إذ تم قطع (94) شجرة برتقال وعدد(103) شجرات مانجو.
* دون المزارعون بلاغا لدى الشرطة وأشارت أصابع اتهامهم إلى بعض الأشخاص..
* وفد من القرية ذهب وأخطر السيد المعتمد بالحادثة..
* أطلق سراح المتهمين بالضمان الشخصي.. ولم يحضر شخص مسؤول لمسرح الحدث لتقيم الضرر..
* كان العشم صبيحة يوم فتح البلاغ حضور السيد الوالي أو السيد نائب الوالي أو السيد نائب الدائرة إلى القرية وتطييب خاطر هؤلاء المزارعين البسطاء..
* حضر السيد نائب الوالي تقريبا بعد أسبوعين من الحادثة واعتذر مشكورا بأنه كان مريضا.. وطمأن المواطنين بالأمان وبأن العدالة سوف تأخذ مجراها..
* الأمان أمان الله.. بعد أن قفل السيد نائب الوالي عائدا للدامر.. وبعد سويعات من الزيارة.. أرخى الليل سدوله ليتم قطع أربعين شجرة برتقال أخرى وثمان وثلاثين شجرة مانجو.. في تحدٍّ واضح للسلطة في أعلى قمتها أولا.. ثم للمزارعين ثانيا..
* كالعادة.. تم إبلاغ الشرطة.. وأحضر الكلب البوليسي وتعلق بأحدهم..
* بعد هذا كون المواطنون دوريات حراسة على مدار أربع وعشرين ساعة لحماية ما تبقى من زرعهم وضرعهم.. وبدأ الاحتقان يأخذ منحنىً جديداً..
* في يوم 16/3/2015.. كانت الطامة الكبرى.. إذ تم قطع عشر شجيرات مانقو أخرى.. في تحد أكثر جرأة.. ليتم البلاغ.. ويتتبع الكلب البوليسي الأثر إلى أن وصل إلى بيت محدد.. وهناك حصل هرج وعراك وشجار.. وبحمد الله تم فك الاشتباك بواسطة البوليس وكبار القوم.. وتفشى الخبر وعم البوادي والحضر..
* في يوم 17/3/2015م بدأ الحشد القبلي.. عبابدة وحسانية تنادوا من غرب المتمة إلى تخوم الشايقية.. الجعليون تنادوا من كل بطون الجعليين غرب النيل.. وتواجه المعسكران.. كل محمل بما تيسر له من السلاح الأبيض والعصي، وما خفي أعظم.
* الرجال يقفون على جانبي الوادي الصغير الذي يفصل بينهم.. وادي الموت.. والنساء من الخلف يحملن الحجارة..
* طبل العز (كل حسب منطلقاته).. دقائق ويضرب..
* الاحتقان يزداد ويزداد والطرفان يزدادان استقواءً كل بأنصاره.. راكبين وراجلين..
* العواجيز يجلسون القرفصاء.. تحت ظل الشجر.. يسألون الله (فك الكربة) وكشف الغمة.. ويتلفتون يمنة ويسرى إلى ظهور (المنقذ)!!
* أبناء المنطقة في مدارج الغربة.. التصقت خدودهم بالموبايلات تتبعاَ للأخبار.. والألسن تلهج بدعاء الرحمن.. سترك يا رب.. الفرج يا رب.
* رحمة الله تغشاك الحبيب مجذوب الخليفة.. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر..
* الاحتفان يشتد ويشتد وطبل (العز) يحبس أنفاسه استعدادا للانطلاق.. وبداية حصد الأرواح.
* هذا العدد من أفراد الشرطة لا يقوى على كبح جماح هذه التجمعات الغاضبة..
* فرجك يا رب.
* .. في هذه اللحظة.. يظهر (النكساب) وهم بيت أدب ودين.. وعلى مسافة متساوية من الجانبين (مقبولين للجانبين).. ويبدأون حركة مكوكوية بين الطرفين.. تظلهم دعوات العواجيز الذين يجلسون القرفصاء.. ويلعنون طائر الشؤم الذي حل بديارهم..
* .. بفضل الله ورحمته انقشع الظلام..
* تفرقت الجموع ولرجال (النكساب) الاحترام والتقدير وعظمه الشأن.
* ثم ماذا؟!
* ما زالت المشكلة الأصل موجودة..
* أطواف الحراسة من الشباب المتأثرين تحكم قبضتها.. خوفا على ما تبقى من شجرهم..
* (الحسانية والعبابدة) ليس لهم أن يدخلوا مزارع وحواشات الجعليين.. (إذن من أين يقتاتون؟)
* المخربون.. من هم؟ وأين هم؟.. ومن خلفهم؟.. ولماذا ذلك؟
* أسئلة حائرة تحتاج لإجابات حقيقية وسريعة..
* كيف يتم النماء والرخاء.. إذا كان هذا يزرع.. وذاك يقلع؟
* منذ أن تكامل وعينا على ظهر هذه البسيطة.. وجدنا عبابدة وحسانية.. مع أجدادنا الجعليين يقتسمون معهم الحبة والتمرة من غير منٍّ أو أذى.. وفوق هذا وذاك تزاوجوا وتناسلوا.
* قراءاتي للمشهد وما أسمعه يتطلب تدخل الدولة في أعلى مستوياتها في الموضوع وفورا.. تبحث في أصل المشكلة.. تصل يدها القوية إلى المعتدين ومعاقبتهم.. تضع الحلول الجذرية لأسباب الاحتكاك والاحتقان.. إذا لم يتم ذلك وبسرعة والنزاهة المطلوبتين.. فإنني أرى تحت الرماد وميضا.. وكما قيل فإن مستعظم النار من مستصغر الشرر..
* الحمدلله بدءاً وختماً.
لواء مهندس ركن مستشار (م)
الحاج الخضر أحمد