اليمن لم يعد سعيداً ..!
> زلزال عنيف ضرب المنطقة برمتها، بعد أن أدخل الحوثيون اليمن شبه الجزيرة العربية في أزمة كبيرة وطاحنة، جلبت العواصف وأغبرتها الحارقة، ومدت الحرب ألسنتها، ولم يعد اليمن سعيداً كما كان، ولن تعود الأمة العربية رغم تضامن بلدانها في الحرب الجارية على الحوثيين في اليمن كما كانت. إذن.. ستشهد البلدان العربية قياساً بما يجري في اليمن تطورات خطيرة، سيكون لها أثرها على منظومة الأمن العربي، وتفتح المجال أمام كل الاحتمالات المتوقعة، حيث لم تشهد المنطقة العربية المثخنة بالجراح والخلافات تسارعاً في تكوين تحالف ضد الحوثيين ونصرة الشرعية للحكم في اليمن، كما حدث أمس عندما بدأت الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية.
> واليمن كبلد هو مهد العروبة ومنهلها التاريخي، بغض النظر عن القديم التالد، فإنه شهد تدخلين عربيين رسميين عسكريين حدثا في هذا البلد الذي ظل في المخيال الشعبي والثقافي والسياسي العربي هو(اليمن السعيد). التدخل الاول في ستينيات القرن الماضي عندما قرر الرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر خوض حرب ضد قوى داخلية وسلطة الامام، ويأتي التدخل العسكري الثاني بالقصف الجوي لتحالف عربي وغربي كبير ضد مواقع الحوثيين الذين اغتصبوا السلطة وقادوا الاوضاع اليمينة الى الحضيض والقاع..
> كان اليمن بعد ثورته المجيدة التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في طريقه للتعافي من الآثار الجانبية للربيع العربي، وبدأ مشروع حوار وطني داخلي كاد أن يصل الى حلول تحفظ التوازن الاجتماعي والسياسي اليمني، إلا أن الحوثيين وهم جماعة شيعية تخضع لتوجيهات طهران، لديها ما يقارب العشرة آلاف جندي مدرب انقلبوا عقب اجتياح لعدد من المحافظات اليمينة منذ سبتمبر الماضي على السلطة واسقطوا حكم الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي واعتقلوه ووضعوه قيد الاقامة الجبرية مع اركان حكمه وفرضوا حكماً احادياً وانفردوا بكامل السلطة وبدأوا حمامات الدم والاغتيالات والاختطاف، وتحالفوا مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ومجموعاته المسلحة، ووقع اليمن في غيابت الجُب الفوضوي المفتت لوحدة البلاد وتماسكها.
> ودارت عجلة الاحداث بسرعة خلال الاسابيع الماضية بعد تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي من الفرار من منزله المحاصر ووصل الى عدن عاصمة الجنوب اليمني، وقرر الحوثيون التمدد جنوباً واحتلال مدينة عدن ومواجهة الترتيبات التي قام بها الرئيس عبد ربه لاستعادة الحكم ومواجهتهم وتنظيم مؤسسات الدولة من جديد.. واستشعرت هنا الدول الخليجية خاصة المملكة العربية السعودية خطورة الوضع اليمني وابعاده الاستراتيجية والمخاطر والمهددات الراهنة والحقيقية لامن منطقة الخليج وكامل المنطقة، حيث اكمل انقلاب وسيطرة الحوثيون على اليمن الهلال الشيعي حول المملكة والخليج العربي، وبات ممكناً أن الجنوب السعودي كله معرض لتهديدات قد تصل العمق وخاصة مناطق الحجاز.
> وجرى تنسيق تحالف عربي جوي وبحري و ربما بري، بدأته دول الخليج وتداعت له بسرعة مذهلة الكثير من البلدان العربية مناصرة ومؤيدة ومشاركة في عاصفة الحسم التي انطلقت من الاراضي والاجواء السعودية، وتحدد هدف سياسي واحد هو استعادة الشرعية وازالة خطر الحوثي ومجموعته من المنطقة والملاحة البحرية الدولية، ولم تتخلف الدول الغربية عن مساندة التحالف العربي ضد الحوثيين، وصدرت البيانات المؤيدة تباعاً من العواصم الغربية، بينما يمتدد دعمها ومشاركتها الفعلية في العمل العسكري مع تطورات الأحداث في المسارات غير المعلنة.
> هذه الحرب قد تحقق اهدافها وقد تتأخر، لكنها في كل الأحوال تحول مدهش ومثير ومحير وكبير في المنطقة، ربما تنتج عنه اوضاع جديدة ليس من السهل تصور معالمها وملامحها، وقد تقود الى مواجهات طويلة اذا اقدمت ايران كقوى إقليمية داعمة لرافد المذهب الشيعي الأكبر في شبه الجزيرة العربية، على مساندة اتباعها، وتحول الصراع من سياقاته السياسية الى منزلقاته المذهبية، واصبح صراعاً سنياً شيعياً، وهنا ستحل الكارثة على المنطقة.
> فلو لم تحقق الحرب الجوية اهدافها بسرعة وتكون داعمة للعمل العسكري المناوئ للحوثيين على الأرض، أو طال أمدها.. فإن الله وحده هو الذي يعلم كيف ستكون الأوضاع في المنطقة..!!