وأنتِ (سرك في بئر) !!
*نبدأ كلمتنا اليوم بمقدمة (هزلية) تناسب موضوعنا ذا الطابع (الكوميدي)..
*فـ(الواد سيد الشغال) يصف حال خاله لزوجة صاحب السرايا في المسرحية الشهيرة..
*يقول لها إنه مرض فـ(شالوا الطوحال) بحسبان أنه سبب علته..
*فجاء طبيب آخر – بعد أن تردت حالته – وصاح غاضباً (إزاي يشيلوا الطوحال؟ ده الطوحال كويس!)..
*ثم أمر بأن يستأصلوا المرارة قائلاً لأهل المريض أن المرارة هي المشكلة..
*فلما قارب (الخال) على الهلاك حضر طبيب ثالث..
*وما أن رأى الفحوصات حتى زمجر صارخاً ( إزاي يشيلوا المرارة؟ دي المرارة كويسة أوي)..
*ثم أمر بأن (يشيلوا العمود الفقري ويضعوا له عموداً عوضاً عنه)..
*وشيء مشابه لذلك – مع جرعة كوميديا أقل – حدث لخالنا في مستوصف (درجة أولى!)..
*فمنذ الأول من أمس نحن نشاهد فاصلاً طبياً هزلياً بجوار خالنا طريح الفراش..
*والفرق بينه وبين فاصل عادل إمام أن الثاني هذا مضحك والأول محزن..
*فقد أتى طبيب وقال – بعد معاينة خالنا – أن سبب علته (حصوة في المرارة)..
*وبعد فترة حضر آخر وقال (لا المرارة ما فيها حاجة ، المشكلة في القلب)..
*ثم حضر ثالث وقال (أبداً القلب كويس ، العلة في فقدانه سوائل بس!)..
*وطوال الفترة هذه – حوالي عشر ساعات – كان خالنا يتكلم ، ويتلفت ، ويشرب ، ويذهب إلى الحمام..
*ولكن قبل أن يأتي طبيب رابع ليقول ( لا، السوائل بتاعته كويسة) دخل مريضنا في غيبوبة..
*فأُخذ إلى غرفة الإنعاش لنسمع من يقول – من الأطباء – (أكيد جلطة!)..
*ثم كان آخر ما سمعناه قبل أن يُحال بيننا وبينه (لا دي ما جلطة ، احتمال يكون نزيف أكبر)..
*والملاحظة التي لابد أن أشير إليها هنا أن الأطباء هؤلاء جميعهم ذوو (هيئة واحدة!)..
*(هيئة) ما بعد تصريح حميدة ذاك عن ظاهرة هجرة الأكفاء من الاختصاصيين..
*فقد قال وزير صحة ولاية الخرطوم ما معناه (الباب يفوت جمل!)..
*ثم كانت هذه هي نتيجة الخروج من باب (صالة المغادرة) مقروءة مع تردي الوضع الأكاديمي لجامعاتنا..
*وفضيحة عدم القدرة على تشخيص حالة خالنا لا تنفصل – للعلم – عن فضيحة (مدرسة الريان!)..
*ولا عن فضائح شهادات الدبلوم والماجستير والدكتوراة..
*ولا عن فضيحة التصنيف العالمي لجامعاتنا كل عام..
*ولا عن فضيحة موت عشرات المرضى يومياً – داخل المشافي – جراء عدم دفع الرسوم..
*ولكن حتى الذين يملكون رسوم العلاج (الخرافية!) هم معرضون للموت أيضاً..
*وقصة خالنا هذه التي نرويها أصدق مثال على ذلك..
*أما أنت أيتها الطبيبة فـ(سرك في بير)..
*مثل (بئر سلم المشفى !!!).