مواسم عودة المجذوب

قال لي أحد الإخوان ممن ينحدرون من قرية (المكايلاب) جنوب مدينة بربر بولاية نهر النيل.. ذات القرية التي أنتجت وصدرت البروفيسور أحمد مجذوب، الوالي والوزير السابق، المسؤول الحالي بأمانة الاقتصاد بالحزب الوطني الحاكم.. الصيرفي وأستاذ الاقتصاد والناشط المالي السياسي و.. و.. قال لي ذات لحظة عالية المصداقية وباهرة المصلحة الوطنية.. قال: أستطيع أن أؤكد أن علاقة ابن آل سويكت أحمد مجذوب بالعمل العام والمساهمة في تنمية المنطقة.. بدأت مبكرة جدا منذ أن كان طالبا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة قبل أن يكون أستاذا بالجامعة ذاتها.. حيث تمكن وهو يومئذ طالب في أن يستقطب بعض الخيرين لبناء مسجد في القرية.. على أن صلة أحمد مجذوب بهموم المنطقة لم ترتبط بالمناصب والمنابر التي اعتلاها على مدى ربع قرن من العمل التنفيذي والعام وتلك قصة أخرى سنعرض لها في حينها …

عرفت ولاية نهر النيل البروف أحمد مجذوب واليا لفترة لم تكن كافية لتطبيق برنامجه وقطف ثمار رؤيته.. غير أنها كانت كافية لتقديم البروف الوالي المثقف صاحب الخطاب والرؤى العلمية المتقنة.. عامان قضاها الرجل بعاصمة الولاية والمجاذيب تفتأ ترسخ لعلمنة منهج الحكم وتطريزه بالمعلومات والرؤى المرقمة الممنهجة.. بحيث لم يكن الرجل هتافيا كما هو حال الساسة الحكام الذين يتمنهجون حول الاحتفالات والمهرجانات الهواء.. كلما اطفأوا نارا لمهرجان أوقدوا نارا لكرنفال في بلد لم تشبع بعد من الفتريتة والدخن والتقلية.. ولم يكن لبروف المجذوب ذنب سوى أنه لم يركب على مطايا الهتيفة ولم يرحل في ركاب الرديفة.. عندما حاول أن يؤسس لمرحلة ولائية فارقة تتسم بالاستقلالية والتخطيط العلمي، وهذا ما لم يعتد عليه القوم وما لم يصبروا عليه.. وللذين يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة.. خمس سنوات اجتهد فيها سعادة الفريق الهادي أن يفعل وفق وسع خبراته العسكرية والإدارية ولكل شيخ طريقته.. ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.. بحيث لا زلت أقول بأن معركة ولاية نهر النيل ليست أمنية بقدر ما أنها معركة تنموية تقوم على برمجة تخطيطية اقتصادية علمية.. فضلا عن المهارة الترويجية لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والإقليمية وتلك قصة أخرى و.. و..

* يعيد اليوم الحزب الحاكم بروف المجذوب إلى الولاية.. غير أن هذه المرة في مهمة برلمانية.. مرشحاً للحزب في عقر ديار أهله بربر الجنوبية.. وللرجل ما يشفع له ويشهد.. فعلى الأقل ليس هو من شاكلة النواب الذين يأتون في مواسم الانتخابات.. فالذي يعرفه الكثيرون أنه ظل ناشطا في خدمة قضايا المنطقة على غير تكليف شرعي و.. و..

* غير أن لمؤسسة الملاذات الجناح الاستراتيجي نظرة تتسع إلى ما فوق الدائرة الضيقة إلى رحاب الوطن.. بحيث أن البروفيسور أحمد مجذوب مؤهلا أكثر لقيادة (اللجنة الاقتصادية التشريعية) بالبرلمان المحتمل.. فغير الدربة والدراية والرغبة يمكن في هذه الحالة أن نتحدث عن تناغم بين اقتصاد الحزب والدولة.. في فرصة هي الأخيرة للإسلاميين للنهوض باقتصاد البلد وإشعال ثورة الإنتاج وفق خطط فعالة.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل..