خالد حسن كسلا : «تأكيل لحوم القتلى».. لا لحكم القبيلتين
> بعد أن تحدث الاتحاد الافريقي بنفسه عن أن قوات سلفا كير يجبرون أبناء قبيلة النوير المعتقلين في معسكراتهم بأكل لحوم قتلاهم من ذويهم، فإن هذا يعني ان القبيلتين «الحاكمة والمعارضة».. الدينكا التي ينتمي إليها سلفا كير والنوير التي ينتمي إليها مشار لم يعدا يصلحان لحكم الجنوب في المستقبل القريب على الأقل. فلن ترضى احداهما بحكم الأخرى، واذا جاء الرضا من أبنائهما على مستوى السلطة، فلن يتمكنا من احتواء نسف الأمن الاجتماعي والاستقرار على الارض.
> تأكيل لحوم القتلى حادثة فظيعة جداً طبعاً يندى لها الجبين.. وتستوجب فوراً القيام بإجراءات تحقيق خاصة أن مصدر الخبر هو الاتحاد الافريقي.. فالامر خطر جداً ولا يحتمل التأجيل بعد أن اطلق الاتحاد الافريقي – وليس غيره – الخبر الفظيع هذا.
> إنه أقبح خبر يأتي من «جنوب السودان» بعد اندلاع تمرد مشار الذي أكد أن القبيلة هناك هي التي نجح التمرد.. وقد سبق تمرد مشار أكثر من تمرد لكن استطاعت حكومة سلفا كير ان تحتويه.. فلم يكن قادة ذاك التمرد الأول أو الثاني يحظون بتبعية قبلية. لكن مشار الآن يحظى بها بجدارة. ان كل النوير يحبون مشار ولكن ليس كل الدينكا يحبون سلفا كير.
> وما فعلته قوات سلفا كير – حسب الاتحاد الافريقي – ضد المعتقلين من أبناء النوير يوحي بان دولة جنوب السودان لم يتشكل فيها شعب واحد حتى الآن، ترى تبقى هذي مسؤولية من؟ هل مسؤولية حكومة هناك قواتها تجبر الأسر على أكل لحوم القتلى؟ هل مسؤولية واشنطن التي رعت مشروع الحركة الشعبية من مرحلة التمرد إلى مرحلة الاستقلال وتحويل الحرب الى اقليم دارفور واستبقاءها في جنوب كردفان والنيل الازرق؟! هذه الافكار الفظيعة حتى لا تتمكن أية مجموعة سياسية مكونة من ابناء قبائل مختلفة من حكم الجنوب وحماية أمنه وحمله على طريق الشعب الواحد، لأن هذا يعني ان القوى الاجنبية هذي قد خسرت ثمار المشروع التآمري الذي انفقت عليه المليارات لكي تجني اضعافها طبعاً. وانظر حالات مماثلة بنفسك في العراق وافغانستان وليبيا واليمن. فكل هذه الدول كانت واشنطن تشجع فيها الممارسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة او تدعو إلى محاربة برامجها الارهابية، وكل هذا سبق التغييرات فيها، لكن بعد التغييرات اصبحت اوضاعها الأمنية والسياسية أسوأ مما كانت، فأصبحت العراق أسوأ مما كانت عليه أمنياً أيام صدام، وكذلك افغانستان وليبيا واليمن. كل هذه الدول اصبحت الاوضاع الأمنية فيها أسوأ مما كانت عليه قبل الربيع العربي.. والربيع العربي طبعاً حلم جميل مثل حلم الجنوبيين بالاستقلال قبل الانفصال، لكن ما دام ان واشنطن واسرائيل تخططان لنسف الاستقرار والسلام العالمي لمصالحهما على حساب الشعوب فإن مثل هذه الاحلام حينما تتحقق تحول واشنطن واسرائيل تحققها إلى ما هو أسوأ مما كان قبلها. ان الثعبان الامريكي والعقرب اليهودية يتحالفان دائماً ضد السلام العالمي.. ويسعيان لتحويل استقلال «جنوب السودان» إلى ثقافة إجبار القوات الحكومية للأسرى والمعتقلين على أكل لحوم القتلى. لقد تظاهرت واشنطن بانها تريد لشعب جنوب السودان أن يقرر مصيره وان يكون مستقلاً عن الشمال. لكن الآن هل تريد لشعب الجنوب كل هذه الاوضاع الأمنية السيئة جداً.. وتريد أن تجبر القوات الحكومية المتحولة من حالة التمرد الأسري والمعتقلين على أكل القتلى؟! ان واشنطن لا تريد السلام في الجنوب لأن هذا يعني خسارة مشروعها التآمري، فهي ومعها ربيبتها اسرائيل يكسبان ويربحان. ولا استبعد ان توجيهاً امريكياً أو اسرائيلياً لقوات سلفا كير بممارسة هذا السلوك قد صدر مؤخراً بعد أن لاح في الافق بصيص أمل في السلام. اذن الآن ينبغي ان يسلّم حكم الجنوبيين لابناء الاستوائية والشلك فيكون جيمس واني ايقاً رئيساً للبلاد ويكون د. لام اكول رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع ولكن عبد الله دينق نيال ممثلاً للمسلمين وزيراً للخارجية وهذه الفترة انتقالية لا تقل عن اربعة اعوام تعالج فيها ملفات الحرب هناك بعد ان استضافت هذه الملفات «تأكيل المعتقلين النوير لحوم القتلى من ذويهم». فالأمر خطر.