مجرد ملاحظة..
> ربما يضع السيد الرئيس، يده على الجُرح، خلال زياراته الحالية إلى الولايات في إطار الحملة الانتخابية، ويتلمس إلى أي حد كان الإبقاء على الولاة حتى فترة الانتخابات، أمر غير ملائم، ولا مناسب أو موفَّق، والسبب أن بعض الولاة سيتسببون بالفعل في تدني مشاركة الناخبين، ويفتَّر عزمهم في التوجُّه إلى صناديق الاقتراع، وكان الأوفق هو تغيير الولاة من فترة حتى تُضخ دماءً جديدة في الولايات المختلفة، وينشأ أمل جديد، نظراً للتململ الواضح في بعض الولايات من ولاتها ..!
> وما رآه المؤتمر الوطني باستمرار الولاة، كان تقديراً سياسياً خاطئاً، خاصة بعض الولايات ليست فيها إنجازاً واحداً يُعتدُّ به، ولا بشريات يمكن للولاة تقديمها للجماهير تحقق إقبالاً كاسحاً وساحقاً في الانتخابات، فبعض الولايات تعاني من مشكلات مُزمنة لم تُحل بعد في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمشروعات الخدمية، وبعضهم عجز تماماً عن إدارة ولايته والصعود بها إلى حيث مطمح سكانها ومواطنيه، والبعض حاصرته المشكلات من كل جانب واستنزفت قواه وطاقته وأفكاره، ولم يعُد بمقدوره أن يُعطي شيئاً، فبقاؤه أداء واجب لا غير..
> والأدهى والأمر، إن كثيراً من الولاة علموا أو أُبلغوا بأنهم ذاهبون وسيغادرون مواقعهم عقب الانتخابات، فقلَّ حماسهم وزاد يأسهم، فهم يعملون بربع كفاءتهم، وربما يكون بعضهم ساخط وغير راضٍ ، وقد كان من الأسلم منذ البداية أن يُسرَّح كثير من الولاة، وتُعهد شؤون الولايات إلى قيادات جديدة تقود فترة الانتخابات حتى نهاياتها، ويكون التغيير هو دافع ومحرك حقيقي للمواطنين الصابرين تجاه الانتخابات والمساهمة بفاعلية في إنجاحها.. ثم إن الولاة أنفسهم هم سبب الحرج الذي يواجهه المؤتمر الوطني بسبب قياداته الذين ترشَّحوا في الدوائر الجغرافية كمستقلين بعد أن مارس الولاة عبر الكليات الشورية والتوجيهات نوعاً من الضغوط، أدت لاختيار مرشحين غير مناسبين في الدوائر الجغرافية والقومية، وزادت من الحنق والتحيُّز القبلي والعشائري، وأفرزت واقعاً في كل الأحوال ليس في صالح الانتخابات.. وبسبب ما مارسه الولاة وما فعلوه بقصد أو دون قصد، وفق تقديراتهم، فإن هناك حقيقة لابد من الاعتراف بها، وهي أن التدافع الجماهير الكبير الذي يُقابل به الرئيس في زياراته، مُتعلق بشعبية الرئيس ومكانته عند شعبه. ولكن الناس عندما يحين وقت الاقتراع في الدوائر الجغرافية، فإن هناك صوراً مختلفة..
> ولا أعتقد أن قضية الولاة يمكن حلها في الأيام المتبقية من موعد الاقتراع، فقد «وقع الفأس على الرأس»، ولا شيء غير التلطُّف بما تبقى لدى المواطنين من رغبة وثقة في العبور بالانتخابات إلى بر آمن.. وما لا ينبغي تركه هنا هو مراجعة دقيقة لكيفية ترجيح الآراء التي قادت لهذا الواقع الجديد، فقصر النظر وعدم وضوح الفكرة من الإبقاء على كثير من الولاة، يجب استعاضته بعمل ملموس وجاد في الفترة القصيرة جداً المتبقية من مواقيت عملية التصويت لحفز الناس على رفع نسبة المشاركة في الانتخابات وتقوية التزاماتهم تجاه العملية السياسية الجارية الآن.
> ولو درى الناس منذ البداية أن طمأنة الناخبين وصناعة واقع جديد في الولايات وإجراء تغييرات في وقتها، سيكون له انعكاس مباشر على عامة الناس، لما تأخروا عنه خاصة أن الانتخابات تواجه تحدياً كبيراً وحاسماً تترصده قوى خارجية إقليمية ودولية، تتمنى عدم نجاح الانتخابات أو ضمورها، وتراهن على ضعفها..
> ولا ندري نحن ما هي الحكمة من عدم عمل ما، يلزم في الفترة الماضية حتى نتجنب المخاطرة والمغامرة. فالانتخابات ستُجرى وتتم، وسيكون هناك فوز للمؤتمر الوطني كما تقول كل المؤشرات، لكننا نرجو من كل قلوبنا ألا تقل نسبة التصويت عن انتخابات 2010م.