تحقيقات وتقارير

ابحثوا معنا عن.. وجه المدينة الجميل

[JUSTIFY]يمكن أن تلتقط أذنيك في اليوم الواحد العشرات من أصوات الإنذار للسيارات الحكومية التي تطالب بإفساح الطريق لها.. تحمل في جوفها جيوش الوزراء الاتحاديين والولائيين والمعتمدين عابرة طرق الخرطوم، لكن نادرا ما تتوقف إحداها لترى أرتال الأوساخ، وبقايا القمامة المتروكة في قارعة الطرق وزوايا وأركان المباني، وبقدر ما تعكس النظافة الحضارة في أية عاصمة إلا أن الخرطوم ظلت تتراجع يوميا في منظومتها المسؤولة عن عكس الوجه الجميل للمدينة.. وفيما تجتمع جهات عديدة وتتداخل اختصاصاتها بالمسؤولية الصحية والبيئية إلا أنها في النهاية تعكس ترهلا إداريا عاجزا عن إنجاز المهام نهائيا.

وتقول وزارة مثل البيئة والغابات والتنمية العمرانية- وهي إحدى الجهات ذات الصلة بالملف، إن الهدف الاستراتيجي من إنشاء الوزارة تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة مع الحفاظ على البيئة وترقيتها وصولاً لتنمية مستدامة، لكن يمكن القول أيضا إن الوزارة لم تحقق من مقصدها حتى الآن حده الأدنى، فالكثير من الشواهد في شوارع الخرطوم والولايات والممارسات الحياتية اليومية تؤكد أن دور الوزارة غائب، ورغم أن الوزارة تقول إنها تضع الضوابط والنظم لمنح التراخيص ومراجعة أداء الشركات والقطاع الخاص العامل في مجال المساحة والبيئة والتنمية العمرانية، إلا أن تشييد استاد التحرير وسط حي المزاد بمحلية بحري يطعن في حديث الوزارة المعلق على موقعها الالكتروني، بل إن الاستاد أصبح مكبا لمياه الصرف الصحي رغم الشكاوي الكثيفة التي رفعها المواطنون وتضرروا منها بسبب توالد الباعوض، وانبعاث الروائح القذرة، فيما يرى الأهالي أن تشييد الاستاد داخل الحي يمثل إزعاجا لهم وقد يؤدي لانصراف أبنائهم عن الدراسة، ورغم أن قضية الصحة والبيئة أصبحت تحتل المقدمة في أولويات المواطن، لكن لا تتوفر لها الإرادة سوى من قبل الحكومة أو المنظمات الداعمة.. ولفترة زمنية امتدت حوالي العامين، ظل استاد التحرير ببحري مكبا دائما ومفرغا لمياه الصرف الصحي، رغم الشكاوي التي رفعها الأهالي في مواجهة الجهات القائمة على بنائه، ولا تكفي في غالب الأحيان عبارة (ممنوع البول بأمر السلطات) رادعا لإيقاف الخروقات الكبيرة من قبل المواطنين الذين يتبولون في العراء لأسباب عدم توفر مرافق ودورات المياه على الطرق العامة أو في الأسواق، وإن توفرت فإنها تكون خدمة مدفوعة الثمن، بل إنها في كثير من الأماكن تقوم المحليات ببيعها في مزاد لمن يدفع أكثر، وبذلك تفقد الحكومة قدرتها على إيقاف المخالفات البيئية وقد لا تكفيها بيع دورات المياه في سداد فواتير الانفلات البيئي وانتشار الأمراض وتمدد الأوبئة.

حسن محمد علي
صحيفة اليوم التالي[/JUSTIFY]