محمود الدنعو

تدافع الإسلاميين والعلمانيين

[JUSTIFY]
تدافع الإسلاميين والعلمانيين

ضمن متغيرات أخرى حملتها رياح الربيع العربي إلى المنطقة تصاعد الصراع الأزلي بين الإسلاميين والعلمانيين في بلدان الربيع العربي مؤخرا، فهذه البلدان التي تعيش مراحل انتقالية تؤسس خلالها الدولة الحديثة التي من أجلها تجشموا عناء التظاهر والقتال المسلح أحيانا للتخلص من النظم السابقة التي تكلست وفسدت، ولم تؤسس دول حديثا، بل كانت اقطاعيات تدار لصالح القادة وحاشيتهم الفاسدة ولصالح قوى إقليمية ودولية لا تريد خيرا لهذه الأمة.
التجليات الطازجة لصراع الإسلاميين والعلمانيين تتمظهر في الحراك السياسي الراهن في تونس أولى دول الربيع العربي، وفي مصر إلى تسلمت منها مشعل الثورات الشعبية في هبة الربيع العربي، ففي تونس التي من المقرر أن تنقضي اليوم الجمعة المهلة المحددة لصياغة الدستور وفقا لخارطة الطريق التي التزمت بها الاحزاب السياسية، إلا أن الشقة بين المعسكرين العلماني والاسلامي قد لا تمكن المجلس التأسيسي في تونس المصادقة على فصول الدستور الجديد خلال المهلمة المحددة، ورغم أن الدستور الجديد تجاوز الكثير من العقبات ومن بينها المساواة بين الرجل والمرأة اضافة إلى استبعاد الشريعة الاسلامية مصدراً أساسياً للتشريع في تونس، ولكن الفصل السادس من الدستور الذي يشتجر حوله الإسلاميون والعلمانيون هو العقبة الكؤود أمام تمرير الدستور الجديد، وهذا الفصل المثير للجدل ينص على تجريم التكفير وهو ما أثار احتجاج الإسلاميين الذين يطالبون بتعديله رغم الموافقة عليه سابقا.
وقال نواب من حركة النهضة الإسلامية التي أعلنت خروجها من الحكومة بعد اتفاق مع المعارضة، أنه يتعين إضافة معنى تجريم المساس بالمقدسات الدينية، وتخفيف معنى تجريم التكفير، وتغييره إلى معنى أقل حدة، وهو ما رفضته المعارضة التي تقول إن دعوات التكفير التي أطلقها متشددون إسلاميون دفعت إلى قتل معارضين علمانيين بارزين هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي العام الماضي.
في مصر نجح العلمانيين في تجييش الشارع المصري ضد حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ولكن هذه القوى الحديثة من العلمانيين والبيراليين واليساريين وجدت نفسها مرة أخرى في حالة مواجهة مع النظام الانتقالي الراهن، فقد فقد تظاهر عشرات المنتمين لقوى يسارية في وسط القاهرة، مساء الأربعاء، داعين المواطنين إلى (ثورة جديدة) تحقق أهداف ثورة 25 يناير، في إشارة إلى رفضهم حملات شعبية تجمع توقيعات لحث وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتعتبر التيارات السياسية اليسارية في مصر أن النظام الانتقالي الحالي، هو امتداد لنظام مبارك وينبغي إزاحته لتحقق الثورة أهدافها.
رغم إيمان الكثيرين بأن ثورات الربيع العربي لم تجنز أحلامهم الكبيرة، وقناعة البعض الآخر بأنها ساهمت في الفوضى السياسية والأمنية بالمنطقة، ولكن يكفي أنها حركت التنافس والتدافع السياسي والفكري بين التيارات المختلفة.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي