المواطن البسيط
تشهد الانتخابات الهندية المزمع إجراؤها في أبريل المقبل تنافساً محموماً بين الحزبين الكبيرين حزب المؤتمر الحاكم وحزب باهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي المعارض، وهو ذات المشهد الذي يتكرر منذ ستين عاما، حيث يحتكر الحزبان الحياة السياسية في الهند، ولكن الجديد هذه المرة هو حزب (آم آدمي) أو المواطن البسيط بزعامه أرفيند كيجريوال الموظف السابق في الخدمة المدنية الناشط في محاربة الفساد، حيث بات الحزب الصغير يشكل تهديدا لسيطرة الحزبين الكبيرين، الذين بدأ يشعران بالقلق عندما فاز في ديسمبر الماضي بـ30% من الأصوات في برلمان دلهي العاصمة، ويستعد لخوض غمار التنافس على 20 مقعدا برلمانيا في ولايات وأقاليم الهند البالغ عددها 35
زعيم أرفيند كيجريوال، الذي تولي رئاسة حكومة العاصمة دلهي البالغ من العمر 45 عاما يتعبر اصغر يتولي هذا المنصب المهم، بعد تنافس محموم مع شيلا ديكشيت، العضوة البارزة في حزب «المؤتمر»، التي كانت تشغل المنصب، وهذا الصعود الصاروخي لحزب المواطن البسيط الذي تأسس في العام 2012 من رحم حركة الاحتجاجات ضد الفساد، بالسيطرة علي حكومة العاصمة دلهي يجعل الكثير من المراقبون يتوقعون لهذا الحزب الوليد أن يحقق نجاحات في انتخابات أبريل قد لا يكسر احتكار حزب المؤتمر أو منافسه باهاراتيا جاناتا، لكنه سيمضي بعيدا.
ويرى الكثير من الصحفيين الهنود الذين تحدثت إليهم قبل أيام في دلهي أن حزب المواطن البسيط ربما يصبح في المستقبل البدليل للحزبين التقليدين الذين يعانيان من تدهور شعبيتهما في السنوات الماضية، فزعيم باهاراتيا المثير للجدل مودي قد لا يجد الكثير من التعاطف الشعبي بسبب آرائه المتطرفة، كما أن حزب المؤتمر يعاني من تركة سينج الذي قرر التنحي بينما لم يحسم الحزب أمره بعد حول خليفة سينج، وأن ألمح إلى ذلك باختيار راؤول غاندي رئيسا لحملة الحزب الانتخابية ما يعني أن الحزب في حال فوزه في الانتخابات البرلمانية سيرشح غاندي لرئاسة الوزراء.
شعبية حزب المواطن البسيط المتزايدة في أوساط قطاعات مختلفة من الهنود تعود إلى شخصية زعيم الحزب الذي يوصف بالمتواضع، وأنه فعلا من عامة الشعب، ولكن الشعبية الزاحفة للحزب ليست فقط آتية من شخصية زعيمه الذي ألهب حماس الفقراء من الشعب، عندما أعلن أنه سيخفض أسعار فواتير الكهرباء في نيودلهي بنحو خمسين في المائة. غير أنه قرر زيادة رسوم الاستهلاك على المشروبات الكحولية وضريبة القيمة المضافة والضرائب على الكماليات، لتعويض خسائر شركات الكهرباء. وقد استقبل سكان نيودلهي ذلك القرار بترحيب شديد، ولكن الحزب يجذب إليه كذلك طبقات المثقفين من ذوي النزعات اليسارية والعلمانية بسبب طرحه لفكرة الشفافية في الحكم والسياسات الصديقة للشعب الذي يعاني من غلاء المعيشة والفساد والبيروقراطية المتوحشة.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي